للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به الزمخشري وتابعوه» . وقال صاحب الكفيل: «بل هي مضافة إلى مفعولها، وبسط الكلام على ذلك، والشديد البيّن القوة» .

روى ابن عساكر عن معاوية بن قرّة [ (١) ]- بضم القاف وتشديد الراء- رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل: «ما أحسن ما أثنى عليك ربك: «ذي قوة عند ذي العرش مكين، مطاع ثم أمين» ما كانت قوّتك وما كانت أمانتك؟ قال: أما قوّتي فإني بعثت إلى مدائن لوط وهي أربع مدائن، وفي كل مدينة أربع مائة ألف مقاتل سوى الذراري، فحملتهم من الأرض السفلى حتى سمع أهل السماء أصوات الدجاج ونباح الكلاب، ثم هويت بهن فقلبتهن. وأما أمانتي فلم أؤمر بشيء فعدوته إلى غيره» .

وقال محمد بن السائب: «من قوة جبريل أنه اقطع مدائن قوم لوط من الماء الأسود فحملها على جناحه حتى رفعها إلى السماء حتى أسمع أهل السماء نباح كلابهم وصياح ديكتهم، ثم قلبها، ومن قوته أيضا أنه أبصر إبليس يكلم عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم على بعض عقاب الأرض المقدسة فنفحه بجناحه نفحة فألقاه في أقصى جبل بالهند. ومن قوته هبوطه من السماء على الأنبياء صلوات الله وسلامه عليه وعليهم، وصعوده إليها في أسرع من طرفة عين» .

العاشر: في الكلام على قوله تعالى: «ذُو مِرَّةٍ» [النجم: ٦] .

القرطبي: قال قطرب: تقول العرب لكل جزل الرأي حصيف العقل ذو مرّة، قال الشاعر:

قد كنت قبل لقاكم ذا مرّة ... عندي لكلّ مخاصم ميزانه

وكان من جزالة رأيه وحصافة عقله أن الله تعالى ائتمنه على وحيه إلى جميع رسله.

الجوهري: «والمرّة القوّة وشدة العقل، ورجل مرير أي قوى ذو مرّة. قال:

ترى الرّجل النّحيف فتزدريه ... وحشو ثيابه أسدّ مرير

ابن القيّم: «أي جميل المنظر، حسن الصورة، ذو جلالة، ليس شيطانا، أقبح خلق الله تعالى وأشوههم صورة، بل هو من أجمل الخلق وأقواهم وأعظمهم أمانة ومكانة عند الله، وهذا تعديل لسند الوحي والنبوة، وتزكية له، كما ذكر نظيره في سورة التكوير، فوصفه بالعلم والقوة وجمال المنظر وجلالته. وهذه كانت أوصاف الرسول البشري والملكي، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشجع الناس وأعلمهم وأجملهم وأصفاهم نفسا.

الإمام: «في قوله: «ذو مرة» وجوه: الأول: ذو قوة، قلت ورواه الفريابي عن مجاهد


[ (١) ] معاوية بن قرة بن إياس المزني أبو إياس البصري. عن علي مرسلا، وابن عباس وابن عمر. وعنه قتادة وشعبة وأبو عوانة وخلق. وثقة ابن معين وأبو حاتم. قال خليفة: مات سنة ثلاث عشرة ومائة، ومولده يوم الجمل. انظر الخلاصة ٣/ ٤١، ٤٢.