للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النائية المتصلة بمبادئ هذه الأنهار فإنه لم يقف أحد على مباديها حتى الآن.

وروى أبو الشيخ في العظمة وأبو المخلص- بوزن اسم الفاعل- بسند من طريق أبي صالح عبد الله بن صالح قال: حدثني الليث بن سعد قال: بلغني أنه كان رجل من بني العيص يقال له حائد بن شالوم بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام، خرج هاربا من ملك من ملوكهم حتى دخل أرض مصر، فأقام بها، فلما رأى أعاجيب نيلها، جعل لله عليه ألّا يفارق ساحلها حتى يبلغ منتهاه ومن حيث يخرج أو يموت.

فسار عليه، قبل ثلاثين سنة في الناس، وثلاثين سنة في غير الناس، وقبل خمس عشرة كذا وخمس عشرة كذا حتى انتهى إلي بحر أخضر، فنظر إلى النيل ينشق مقبلا، وإذا رجل قائم يصلي تحت شجرة تفاح، فلما رآه استأنس به وسلّم عليه، فقال له: من أنت؟ قال: أنا حائد به شالوم بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام فمن أنت؟ قال: أنا عمران بن فلان بن العيص، فما الذي جاء بك يا حائد؟.

قال: جئت من أجل هذا النيل وهل بلغك في الكتب أن أحدا من بني آدم يبلغه ولا أظنه غيرك قال كيف الطريق إليه؟ قال: سر كما أنت على هذا البحر فإنك ستأتي دابّة ترى آخرها ولا ترى أولها فلا يهولنّك آخرها، وهي معادية للشمس إذا طلعت أهوت إليها لتلتقمها وإذا غربت أهوت إليها كذلك، فاركبها تذهب بك إلى جانب البحر، فسر عليها فإنها ستبلغ أرضا من حديد، فإن جزتها وقعت في أرض من ذهب فيها ينتهي إليها علم النيل. فسار حتى انتهى إلي أرض من الذهب فسار فيها حتى انتهى إلي سور من ذهب، وشرفة من ذهب وقبة من ذهب لها أربعة أبواب، فنظر إلى ما ينحدر من فوق ذلك السور حتى يستقر في القبة ثم ينصرف في الأبواب الأربعة، فأما الثلاثة فتفيض في الأرض وأما واحد فيسير على وجه الأرض وهو النيل.

فشرب منه واستراح وهوى إلى السور ليصعد فأتاه ملك فقال له: «يا حائد قف فإنه قد انتهى إليك علم هذا النيل، وهذه الجنة، وإنما ينزل من الجنة.

[التنبيه الرابع والستون:]

قال ابن أبي جمرة في قول جبريل عليه السلام: «أما الباطنان ففي الجنة، وأما الظاهران فالنيل والفرات» ، دليل على أن النيل والفرات ليسا من الجنة لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن جبريل أخبره أن هذه الأنهار منبعها من سدرة المنتهى، فيسير الباطنان إلى الجنة، والنيل والفرات ينزلان إلى الدنيا، وسدرة المنتهى ليست في الجنة حتى يقال إنهما يخرجان منها بعد نبعهما من الجنة. وهذا معارض لما رواه مسلم عن أبي هريرة من

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سيحان وجيحان والنيل والفرات كلّ من أنهار الجنة» .

والجمع بينهما