للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التنبيه الخامس والثمانون:]

الحكمة في تخصيص فرض الصلاة بليلة الإسراء أنه صلى الله عليه وسلم لما عرج به رأى تلك الليلة تعبّد الملائكة، وأن منهم القائم فلا يقعد، والراكع فلا يسجد، والساجد فلا يقعد، فجمع الله تعالى له ولأمته تلك العبادات كلها في ركعة واحدة يصلّيها العبد بشرائطها من الطمأنينة والإخلاص.

[التنبيه السادس والثمانون:]

وفي اختصاص فرضها بليلة الإسراء إشارة إلى عظم شأنها ولذلك اختصّ فرضها بكونه بغير واسطة بل بمراجعات عدّة. قال السهيلي: «وأما فرض الصلاة عليه هنالك، ففيه التنبيه على فضلها حيث لم تفرض إلا في الحضرة القدسية المطّهرة، ولذلك كانت الطّهارة من شأنها ومن شرائط أدائها والتنبيه على أنها من مناجاة الرّبّ، وأن الرب تبارك وتعالى مقبل بوجهه على المصلّي يناجيه يقول: حمدني عبدي أثنى عليّ عبدي إلى آخر السورة، وهذا مشاكل لفرضها عليه في السماء السابعة حيث سمع كلام الرب وناجاه، ولم يعرج به حتى طهّر ظاهره وباطنه بماء زمزم كما يتطّهر المصلّي للصلاة وأخرج عن الدنيا بجسمه كما يخرج المصلّي عن الدنيا بقلبه ويحرّم عليه كل شي إلا مناجاة ربه، وتوجهه إلى قبلته في ذلك الحين وهي بيت المقدس، ورفع إلى السماء كما يرفع المصلّي يديه إلى جهة السماء إشارة إلى القبلة العليا وهي البيت المعمور وإلى جهة عرش من يناجيه ويصلّي له سبحانه وتعالى» .

[التنبيه السابع والثمانون:]

قوله: «قد وضعت عنك خمسا» ، كذا في رواية ثابت عن أنس. وفي رواية مالك بن صعصعة: «عشرا» ، وفي رواية شريك: «وضع شطرها» . قال النووي:

«المراد بحطّ الشّطر أنه حطّ في مرّات بمراجعات فلا يخالف رواية ثابت» . قال الحافظ:

«وكذا العشر فكأنه وضع العشر في دفعتين والشطر في خمس دفعات، والمراد بالشطر هنا البعض» . قال: «وقد حققت رواية ثابت أن التخفيف كان خمسا، وهي زيادة معتمدة يتعيّن حمل باقي الروايات عليها» . قلت: ويؤيد رواية ثابت ما رواه ابن خزيمة في صحيحه والبيهقي وابن مردويه من حديث مالك بن صعصعة: «فحطّ عني خمسا» ، وفيه: «فما زلت بين موسى وبين ربي يحط عني خمسا خمسا» . قال ابن دحية: «ذكر الشطر أعمّ من كونه وقع دفعة واحدة» .

[التنبيه الثامن والثمانون:]

قال أبو طالب الجمحي في كتاب «التحيات» : «لكل قوم تحية، فتحيّة العرب السلام وتحية الأكاسرة السجود قدّام الملك وتقبيل الأرض وتحية الفرس طرح اليد على الأرض قدّام الملك، وتحية الحبشة عقد اليدين على الصدر بين يدي الملك بسكون، وتحية الروم كشف غطاء الرأس من بعد تنكيس رأسه. وتحية النوبة إيماء الرجل بالدعاء