للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب السادس في قدومه صلى الله عليه وسلّم باطن المدينة وما آلت إليه وفرح أهل المدينة برسول الله صلى الله عليه وسلم

روى الإمام أحمد والشيخان عن أبي بكر، وسعيد بن منصور عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهم والبيهقي عن موسى بن عقبة، وابن إسحاق عن عويم بن ساعدة، ويحيى بن الحسن عن عمارة بن خزيمة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يدخل المدينة أرسل إلى بني النّجّار، وكانوا أخواله لأن أم عبد المطلب منهم كما تقدم في باب النّسب. فجاؤوا متقلدين السيوف، فقالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأصحابه: «اركبوا آمنين مطاعين» . وكان اليوم يوم الجمعة فلما ارتفع النهار دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم براحلته وحشد المسلمون ولبسوا السلاح،

وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم ناقته القصواء والناس معه عن يمينه وعن شماله وخلفه منهم الماشي والراكب فاجتمعت بنو عمرو بن عوف فقالوا: يا رسول الله أخرجت ملالا لنا أم تريد دارا خيرا من دارنا؟ قال: «إني أمرت بقرية تأكل القرى فخلّوها- أي ناقته- فإنها مأمورة» ،

فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من قباء يريد المدينة فتلقّاه الناس فخرجوا في الطرق وعلى الأباعر وصار الخدم والصبيان يقولون: «الله أكبر، جاءنا رسول الله جاء محمد» قال أنس فيما رواه البيهقي: «إني لأسعى مع الغلمان إذ قالوا: محمد جاء فننطلق فلا نرى شيئا، حتى أقبل وصاحبه أبو بكر فكمنا في بعض جدر المدينة وبعثا رجلا من أهل البادية ليؤذن بهما الأنصار فاستقبلهما زهاء خمسمائة من الأنصار، حتى انتهوا إليهما فقالت الأنصار: انطلقا آمنين مطاعين. فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه بين أظهرهم، فخرج أهل المدينة حتى أن العواتق لفوق البيوت يتراءينه يقلن: أيّهم هو؟ أيّهم هو؟

فما رأينا منظرا شبيها به يومئذ.

روى الإمام أحمد وأبو داود عن أنس رضي الله عنه أنه قال: «لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم المدينة لعبت الحبشة بحرابها فرحا بقدومه» . وروى البيهقي ورزين عن عائشة رضي الله عنها قالت: «لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة جعل النساء والصبيان والولائد يقلن:

طلع البدر علينا ... من ثنيّات الوداع

وجب الشّكر علينا ... ما دعا لله داع [ (١) ]

زاد رزين:

أيّها المبعوث فينا ... جئت بالأمر المطاع


[ (١) ] انظر البداية والنهاية ٣/ ١٩٧.