للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن إسحاق: «وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة وأبا رافع إلى مكة وأعطاهما بعيرين وخمسمائة درهم فقدما عليه بفاطمة وأم كلثوم ابنتيه وسودة بنت زمعة زوجته وحمل زيد بن حارثة امرأته أمّ أيمن مع ابنها أسامة بن زيد، وخرج عبد الله بن أبي بكر بعيال أبي بكر فيهم عائشة وأختها أسماء زوج الزبير وأم رومان [أم عائشة] فلما قدموا المدينة أنزلوا في بيت حارثة بن النعمان. وذكر رزين أن أبا بكر أرسل عبد الله بن أريقط مع زيد ليأتيه بأهله.

قال ابن إسحاق: «وتلاحق المهاجرون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يبق بمكة منهم أحد إلا مفتون أو محبوس. ولما اطمأنت برسول الله صلى الله عليه وسلم داره، وأظهر الله بها دينه، وسرّه بما جمع إليه من المهاجرين والأنصار من أهل ولايته، قال أبو قيس صرمة بن أبي أنس، أخو بني عدي بن النّجّار، يذكر ما أكرمهم الله به من الإسلام وما خصّهم به من نزول رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم:

ثوى في قريش بضع عشرة حجّة ... يذكّر لو يلقى صديقا مواتيا

ويعرض في أهل المواسم نفسه ... فلم ير من يؤوي ولم ير داعيا

فلمّا أتانا أظهر الله دينه ... فأصبح مسرورا بطيبة راضيا

وألفى صديقا واطمأنّت به النّوى ... وكان لنا عونا من الله باديا

يقصّ لنا ما قال نوح لقومه ... وما قال موسى إذ أجاب المناديا

فأصبح لا يخشى من النّاس واحدا ... قريبا ولا يخشى من النّاس نائيا

بذلنا له الأموال من جلّ مالنا ... وأنفسنا عند الوغى والتّآسيا

ونعلم إن الله لا شيء غيره ... ونعلم أنّ الله أفضل هاديا

نعادي الّذي عادى من النّاس كلّهم ... جميعا وإن كان الحبيب المصافيا

أقول إذا أدعوك في كلّ بيعة ... تباركت قد أكثرت لاسمك داعيا

أقول إذا جاوزت أرضا مخوفة ... حنانيك لا تظهر عليّ الأعاديا

فطأ معرضا إنّ الحتوف كثيرة ... وإنّك لا تبقي لنفسك باقيا

فوالله ما يدري الفتى كيف يتّقي ... إذا هو لم يجعل له الله واقيا

ولا تحفل النّخل المعيمة ربّها ... إذا أصبحت ريّا وأصبح ثاويا [ (١) ]

[تنبيه: في بيان غريب ما سبق]

«حشد» المسلمون بالدال المهملة: اجتمعوا.


[ (١) ] انظر البداية والنهاية ٣/ ٢٠٤.