للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمرت بقرية تأكل القرى يقولون يثرب وهي المدينة تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد» .

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن أعرابيا بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأصاب الأعرابيّ وعك فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد أقلني بيعتي. فأبى. ثم جاءه فقال: أقلني بيعتي. فأبى.

فخرج الأعرابي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما المدينة كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها» [ (١) ] رواه الشيخان.

وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنها طيبة- يعني المدينة- وإنها تنفي الخبث كما ينفي الكير خبث الفضّة» [ (٢) ] ، رواه مسلم.

والمراد هنا الإقالة من الإسلام وقيل من الهجرة [كأنه كان قد بايع على هجرة الإقامة] . وعن أبي هريرة رضي الله عنه إن رسول الله صلى الله عليه وسلّم نهى عن آطام المدينة أن تهدم.

وروى البزار بسند حسن عن عمر رضي الله عنه قال: غلا السعر بالمدينة فاشتد الجهد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اصبروا وأبشروا فإني قد باركت على صاعكم ومدّكم، وكلوا ولا تنفرقوا فإن طعام الواحد يكفي الاثنين وطعام الاثنين يكفي الأربعة وطعام الأربعة يكفي الخمسة والستة، وإن البركة في الجماعة، فمن صبر على لأوائها وشدتها كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة، ومن خرج رغبة عنها أبدل الله به من هو خير منه فيها، ومن أرادها بسوء أذابه الله كما يذوب الملح في الماء» [ (٣) ] .

وروى البخاري عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنها أي المدينة طيبة تنفي الذنوب كما ينفي الكير خبث الفضة» [ (٤) ] .

[تنبيهات]

الأول: قال القاضي رحمه الله» . «سئلت قديما عن معنى

قوله صلّى الله عليه وسلم: «كنت شهيدا أو شفيعا» ،

ولم خص ساكن المدينة بالشفاعة هنا مع عموم شفاعته وادّخاره إياها لأمته؟ وأجيب بأن «أو» ليست هنا للشك، خلافا لمن ذهب إليه، إذ قد رواه جابر، وأبو هريرة، وأبو سعيد، وسعد بن أبي وقاص، وابن عمر، وصفية بنت أبي عبيد، وأسماء بنت عميس رضي الله عنهم بهذا اللفظ، ويبعد اتفاق الكل واتفاق رواياتهم على الشك، ووقوعه بصيغة واحدة، بل الظاهر أنه صلى الله عليه وسلم قال كذلك هكذا، فإما أن يكون هو أعلم بهذه الجملة هكذا، وإما أن تكون «أو» للتقسيم، ويكون النبي صلى الله عليه وسلم شفيعا لبعض أهل المدينة وشهيدا لبعضهم الآخر، إما شهيدا


[ (١) ] أخرجه البخاري ٩/ ٩٨ ومسلم في كتاب الحج (٤٨٩) والترمذي (٣٩٢٠) والنسائي ٧/ ١٥١.
[ (٢) ] أخرجه مسلم في كتاب الحج (٤٩٠) .
[ (٣) ] ذكره الهيثمي في المجمع ٣/ ٣٠٨ وعزاه للبزار، وقال: ورجاله رجال الصحيح وذكره المتقي الهندي في الكنز (٣٨١٢٣) .
[ (٤) ] أخرجه البخاري ٦/ ٩٣ (٤٥٨٩) .