للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهربوا، فكان الفتح في غزوتين: بدر وحنين. وقاتل بالمنجنيق في غزوة واحدة وهي الطّائف.

وتحصّن بالخندق في واحدة وهي الأحزاب، أشار به عليه سلمان الفارسي رضي الله عنه.

[تنبيهات]

الأول: روى الخطيب البغداديّ في الجامع وابن عساكر في تاريخه عن زين العابدين علي بن الحسين بن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، قال: كنا نعلّم مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نعلّم السّورة من القرآن. ورويا عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص الزّهري المدنيّ قال: كان أبي يعلّمنا مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعدّها علينا وسراياه، ويقول: يا بني هذه شرف آبائكم فلا تضيعوا ذكرها. ورويا أيضاً عن الزهري قال: في علم المغازي خير الدنيا والآخرة.

الثاني: روى ابن إسحاق والإمام أحمد والشيخان عن عبد الله بن بريدة- بضم الموحدة وسكون التحتية- قال: قلت لزيد بن أرقم: كم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: تسع عشرة، قلت: كم غزوت أنت معه؟ قال: سبع عشرة غزاة، قال الحافظ: تسع عشرة، والمراد الغزوات التي خرج فيها رسول الله صلى الله عليه وسلّم بنفسه الكريمة سواء قاتل أو لم يقاتل، لكن روى أبو يعلى بسند صحيح عن ابن الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن عدد الغزوات إحدى وعشرون. وأصله في مسلم. فعلى هذا فات زيد بن أرقم ثنتان منها، ولعلهما الأبواء وبواط. وكان ذلك خفي عليه لصغره، ويؤيّد ما قلته ما وقع عند مسلم بلفظ أول غزاة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات العشيرة أو العسيرة اهـ.

والعسيرة: الغزوة الثالثة.

وأما قول ابن كثير: يحمل قول زيد على أنّ العشيرة أول ما غزاه هو، أي زيد بن أرقم، والتقدير: فقلت: ما أول غزاة غزاها وأنت معه؟ قال: العشيرة، فهو يحتمل أيضا، ويكون، قد خفي عليه ثنتان مما بعد ذلك، أو عدّ الغزوتين واحدة كما سبق لموسى بن عقبة، وكذا وقع لغيره، عدّ الطائف وحنينا واحدة لتقاربهما، فيجتمع على هذا قول زيد بن أرقم وقول جابر:

وتوسع ابن سعد فبلغ عدد المغازي التي خرج فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه سبعا وعشرين، وتبع في ذلك شيخه محمد بن عمر، وهو مطابق لما عدّه ابن إسحاق إلا أنه لم يفرد وادي القرى من خيبر، أشار إلى ذلك السّهيليّ. وكأنّ الستة الزائدة من هذا القبيل، وعلى هذا يحمل ما أخرجه عبد الرزاق بإسناد صحيح، عن سعيد بن المسيب قال: غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعا وعشرين، ورواه يعقوب بن سفيان عن سلمة بن شبيب، عن عبد الرزاق فزاد فيه أن سعيدا قال أولا: ثماني عشرة، ثم قال: أربعا وعشرين. قال الزهري: فلا أدري أوهم الشيخ أو كان شيئا سمعه. قال الحافظ رحمه الله: وحمله على ما ذكر يرفع الوهم ويجمع الأقوال.