للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجبريل في جند الملائك دونه ... فلم تغن أعداد العدوّ المخذّل

رمى بالحصى في أوجه القوم رمية ... فشرّدهم مثل النّعام المجفّل

وجاد لهم بالمشرفيّ فسلّموا ... فجاد له بالنّفس كلّ مجندل

عبيدة سل عنهم وحمزة واستمع ... حديثهم في ذلك اليوم من علي

هم غيّبوا بالسّيف عتبة إذ غدا ... فذاق الوليد الموت ليس له ولي

وشيبة لمّا شاب خوفا تبادرت ... إليه العوالي بالخضاب المعجّل

وجار أبو جهل فحقّق جهله ... غداة تردّى بالرّدى عن تذلّل

فأضحى قليبا في القليب وقومه ... يؤمّونه فيها إلى شرّ منهل

وجاءهم خير الأنام موبّخا ... ففتّح من أسماعهم كلّ مقفل

وأخبر ما أنتم بأسمع منهم ... ولكنّهم لا يهتدون لمقول

سلا عنهم يوم السّلا إذ تضاحكوا ... فعاد بكاء عاجلا لعم يؤجّل

ألم يعلموا علم اليقين بصدقه ... ولكنّهم لا يرجعون لمعقل

فيا خير خلق الله جاهك ملجئي ... وحبّك ذخري في الحساب وموئلي

عليك صلاة يشمل الآل عرفها ... وأصحابك الأخيار أهل التّفضّل

[ذكر وصول الأسارى إلى المدينة]

قال ابن إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي بكر، عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة قال: قدم بالأسارى حين قدم بهم، وسودة بنت زمعة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عند آل عفراء في مناحتهم على عوف ومعوّذ ابني عفراء، وذلك قبل أن يضرب عليهنّ الحجاب، قال: تقول سودة: والله إنّي لعندهم إذ أتينا، فقيل: هؤلاء الأسارى قد أتي بهم، قالت: فرجعت إلى بيتي، ورسول الله صلى الله عليه وسلم فيه، وإذا أبو يزيد سهيل بن عمرو في ناحية الحجرة مجموعة يداه إلى عنقه بحبل، قالت: فلا والله ما ملكت نفسي حين رأيت أبا يزيد كذلك أن قلت: أي أبا يزيد، أعطيتم بأيديكم، ألا متّم كراما،

فو الله ما نبّهني إلّا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم من البيت: يا سودة أعلى الله ورسوله تحرّضين؟ وقلت: يا رسول الله والذي بعثك بالحق ما ملكت نفسي حين رأيت أبا يزيد مجموعة يداه إلى عنقه أن قلت، فاستغفر لي يا رسول الله، فقال: «يغفر الله لك»

[ (١) ] .

وقال أسامة بن زيد رضي الله عنهما فيما ذكره البلاذريّ: لما رأى سهيلا فقال: يا رسول الله، هذا الذي كان يطعم الناس السّريد؟ يعني الثّريد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا أبو


[ (١) ] أخرجه البيهقي في السنن ٩/ ٨٩ والحاكم في المستدرك ٣/ ٢٢ وانظر البداية والنهاية ٣/ ٣٠٧.