للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أعلى الجنة وأوسط الجنة، ومنها تفجّر أنهار الجنة التي أمر الشارع صلى الله عليه وسلم أمته- إذا سألوا الله تعالى الجنة- أن يسألوه إيّاها، فإذا كان هذا حال هذا فما ظنّك بمن كان في نحر العدوّ، وهم على ثلاثة أضعافهم عددا وعددا!! الخامس والعشرون: استشكل قوله: اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ [فصلت ٤٠] فإن ظاهره أنه للإباحة، وهو خلاف عقد الشرع، وأجيب بأنه إخبار عن الماضي أن كلّ عمل كان لكم فهو مغفور، ويؤيّده إنه لو كان لما يستقبلونه من العمل لم يقع بلفظ الماضي، ولهذا لقال: فسأغفره لكم، وتعقب بأنه لو كان للماضي لما حسن الاستدلال به في قصة حاطب، لأنه صلى الله عليه وسلم خاطب بذلك عمر منكرا عليه ما قال في أمر حاطب، وهذه القصة كانت بعد بدر بست سنين، فدل على أن المراد ما سيأتي.

وأورده بلفظ الماضي مبالغة في تحقيقه، وقيل: إن صيغة الأمر في قوله: اعْمَلُوا للتشريف والتكريم، فالمراد عدم المؤاخذة بما يصدر عنهم، وأنهم خصّوا بذلك لما حصل لهم من الحال العظيمة التي اقتضت محو ذنوبهم السالفة، وتأهّلوا لأن يغفر لهم الذنوب اللاحقة إن وقعت، أي كل ما عملتموه بعد هذه الوقعة من أي عمل كان فهو مغفور، وقيل: إن المراد أن ذنوبهم تقع إذا وقعت مغفورة، وقيل: هي شهادة بعدم وقوع الذنوب منهم، وفيه نظر ظاهر، لما في قصة قدامة بن مظعون حين شرب الخمر في أيام عمر متأوّلا وحده، فهاجر بسبب ذلك، فرأى عمر في المنام من يأمره بمصالحته، وكان قدامة بدريّا والذي يفهم من سياق القصة الاحتمال الثاني، وهو الذي فهمه أبو عبد الرحمن السّلميّ التابعيّ الكبير، واتفقوا على أن البشارة المذكورة فيما يتعلق بأحكام الآخرة، لا بأحكام الدنيا من إقامة الحدود وغيرها.

السادس والعشرون: قول الأنصار: «ائذن لنا فلنترك لابن أختنا» - بالفوقية- المراد أنهم أخوال أبيه عبد المطلب، فإن أمّ العباس هي نتيلة- بالنون والتاء المثناة الفوقية مصغّرة- بنت جناب- بالجيم والنون- وليست من الأنصار، وإنما أرادوا بذلك أن أم عبد المطلب منهم، لأنها سلمى بنت عمرو بن أحيحة- بمهملتين مصغّرا- وهي من بني النجار، وإنما قالوا: ابن أختنا لتكون المنّة عليهم في إطلاقه، بخلاف ما لو قالوا: عمّك لكانت المنّة عليه صلى الله عليه وسلم، وهذا من قوة الذكاء وحسن الأدب في الخطاب، وإنما امتنع النبي صلى الله عليه وسلم من إجابتهم لئلّا يكون في الدين نوع محاباة.

[ذكر أسماء من شهدوا بدرا]

السابع والعشرون: في معرفة من شهد بدرا من المسلمين، جملة من ذكر من المهاجرين أربعة وتسعون، وروى البخاري عن موسى بن عقبة عن ابن شهاب قال: جميع من