للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله صلى الله عليه وسلم-: عرّق الله وجهك في النّار. وقال سعد: اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقني لها، فإنه لا قوم أحب إلي أن أجاهدهم من قوم آذوا رسولك، وأخرجوه، وكذّبوه، اللهم إن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم فاجعلها لي شهادة، ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة. وقيل: إن الذي أصاب سعدا أبو أسامة الجشميّ، وقيل: خفاجة بن عاصم فالله أعلم. وسيأتي لهذا مزيد بيان في حوادث سنة خمس.

وخرجت طليعتان للمسلمين فالتقتا، ولا يشعر بعضهم ببعض، ولا يظنون إلا أنهم العدوّ، فكانت بينهم جراحة وقتل، ثم نادوا بشعار المسلمين: «بحم لا ينصرون» ، فكفّ بعضهم عن بعض،

وجاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «جراحكم في سبيل الله، ومن قتل منكم فهو شهيد» ،

فكانوا بعد ذلك إذا دنا المسلمون بعضهم من بعض نادوا بشعارهم.

وكان رجال يستأذنون رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يطلعوا إلى أهلهم،

فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«إني أخاف عليكم من بني قريظة» ، فإذا ألحّوا يقول: «من يذهب منكم فليأخذ بسلاحه» .

وكان فتى حديث عهد بعرس، فأخذ سلاحه وذهب، فإذا امرأته قائمة بين البابين فهيّأ لها الرّمح ليطعنها فقالت: اكفف حتى ترى ما في بيتك فإذا بحيّة على فراشه، فركز فيها الرّمح فانتظمها فيه، ثم خرج به فنصبه في الدار، فاضطربت الحيّة في رأس الرّمح، وخرّ الفتى ميّتا، فما يدري أيهما كان أسرع موتا: الفتى أم الحية؟ فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم،

فقال: إن بالمدينة جنّا قد أسلموا، فإذا رأيتم منهم شيئا فآذنوه ثلاثة أيام، فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه، فإنما هو شيطان.

[ذكر قضائه صلى الله عليه وسلم ما فاته من الصلوات]

روى الخمسة عن علي رضي الله عنه

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال يوم الخندق: «ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا، كما شغلونا عن الصّلاة الوسطى، حتى غابت الشمس»

[ (١) ] .

وروى الشيخان والترمذي والنسائي عن جابر بن عبد الله، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جاء يوم الخندق بعد ما غربت الشمس، جعل يسبّ كفّار قريش، وقال: يا رسول الله ما كدت أن أصلّي حتى كادت الشمس أن تغرب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «والله ما صلّيتها» ، فنزلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بطحان، فتوضأ للصلاة، وتوضّأنا لها، فصلّى العصر بعد ما غربت الشمس، وصلّى بعدها المغرب

[ (٢) ] .


[ (١) ] أخرجه البخاري في كتاب الجهاد (٢٩٣١) ومسلم ١/ ٤٣٦ (٢٠٢- ٦٢٧) وابن ماجه (٦٨٤) وأحمد في المسند ١/ ٧٩ وابن أبي شيبة في المصنف ٢/ ٥٠٣.
[ (٢) ] أخرجه البخاري في كتاب الأذان (٦٤١) .