للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- «فسيروا على اسم الله» .

ودنا خالد بن الوليد في خيله حتى نظر إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأصحابه فصف خيله فيما بين رسول الله صلى الله عليه وسلّم وبين القبلة- فأمر رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- عباد بن بشر- رضي الله عنه- فتقدّم في خيله، فقام بإزائه، فصفّ أصحابه، وحانت صلاة الظهر، فأذّن بلال، وأقام، فاستقبل رسول الله- صلى الله عليه وسلم القبلة- وصفّ النّاس خلفه، فركع بهم ركعة وسجد، ثم سلّم، فقاموا على ما كانوا عليه من التّعبئة. فقال خالد بن الوليد: قد كانوا على غرّة لو حملنا عليهم أصبنا منهم ولكن تأتي الساعة صلاة أخرى هي أحب إليهم من أنفسهم وأبنائهم، فنزل جبريل بين الظهر والعصر بهذه الآية: وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً، وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً [النساء ١٠٢] فحانت صلاة العصر، فصلى رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- صلاة الخوف، وستأتي كيفيتها في أبواب صلواته- صلى الله عليه وسلّم.

ذكر مسير رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى الحديبية من غير طريق خالد بن الوليد وما وقع في ذلك من الآيات

روى البزار بسند رجاله ثقات عن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه- مختصرا، ومحمد بن عمر عن شيوخه قالوا: لمّا أمسى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «تيامنوا في هذا العصل وفي رواية اسلكوا ذات اليمين بين ظهور الحمض، فإن خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة» كره رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أن يلقاه وكان بهم رحيما، فقال: «تيامنوا فأيكم يعرف «ثنيّة ذات الحنظل» ؟ فقال بريدة بن الحصيب: بحاء مضمومة فصاد مفتوحة مهملتين فتحتية فموحدة مهملتين فتحتية- الأسلمي: أنا يا رسول الله عالم بها، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلّم-:

«اسلك أمامنا»

فأخذ بريدة في العصل- قبل جبال سراوع قبل المغرب، فو الله ما شعر بهم خالد حتّى إذا هم بقترة الجيش، فانطلق يركض نذيرا لقريش، فسلك بريدة بهم طريقا وعرا أجرل [ (١) ] بين شعاب، وسار قليلا تنكّبه الحجارة وتعلّقه الشجر، وصار حتى كأنه لم يعرفهما قط. قال: فو الله إني كنت أسلكها في الجمعة مرارا، فنزل حمزة بن عمرو الأسلمي، فسار بهم قليلا، ثم سقط في خمر الشجر فلا يدرى أين يتوجّه، فنزل عمرو بن عبدنهم الأسلمي فانطلق


[ (١) ] أجرل: الجرل الحجارة وقيل الشجر مع الحجارة، انظر لسان العرب ١/ ٦٠٣.