للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقام مكرز بكسر الميم، وسكون الكاف، وفتح الراء، بعدها زاي، ابن حفص. فقال:

دعوني آته.

فلمّا طلع ورآه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «هذا رجل غادر»

وفي لفظ «فاجر» فلما انتهى إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كلّمه بنحو ما كلّم به بديلا وعروة، فرجع إلى أصحابه فأخبرهم بما ردّ عليه رسول الله- صلى الله عليه وسلّم.

ذكر إرساله- صلى الله عليه وسلّم- خراش بن أمية وبعده عثمان بن عفان إلى قريش

قال محمد بن إسحاق ومحمد بن عمر وغيرهما: بعث رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- إلى قريش خراش بن أميّة على جمل لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقال له الثّعلب، ليبلّغ عنه أشرافهم بما جاء له، فعقر عكرمة بن أبي جهل- وأسلم بعد ذلك- الجمل، وأرادوا قتله فمنعه الأحابيش، فخلّوا سبيله حتى أتى رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- ولم يكد فأخبر رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- بما لقي.

وروى البيهقي عن عروة قال: لما نزل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الحديبية فزعت قريش لنزوله إليهم، فأحبّ أن يبعث إليهم رجلا من أصحابه، فدعا عمر بن الخطاب ليبعثه إلى قريش، فقال: يا رسول الله إنّي أخاف قريشا على نفسي وقد عرفت قريش عداوتي لها، وليس بها من بني عدي من يمنعني، وإن أحببت يا رسول الله دخلت عليهم. فلم يقل له رسول الله- صلى الله عليه وسلم- شيئا، فقال عمر: يا رسول الله ولكني أدلّك على رجل أعزّ بمكة منيّ، وأكثر عشيرة وأمنع، وأنه يبلغ لك ما أردت، عثمان بن عفان.

فدعا رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- عثمان فقال: «اذهب إلى قريش وأخبرهم أنّا لم نأت لقتال وإنّما جئنا عمّارا، وادعهم إلى الإسلام» .

وأمره أن يأتي رجالا بمكة مؤمنين ونساء مؤمنات فيدخل عليهم ويبشّرهم بالفتح، ويخبرهم أن الله تعالى- وشيكا أن يظهر دينه بمكّة حتى لا يستخفى فيها بالإيمان. فانطلق عثمان إلى قريش فمرّ عليهم ببلدح فقالوا: أين تريد؟ فقال: بعثني رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- إليكم لأدعوكم إلى الإسلام، وإلى الله جل ثناؤه، وتدخلون في الدّين كافة، فإن الله- تعالى- مظهر دينه ومعزّ نبيّه، وأخرى: تكفون ويكون الذي يلي هذا الأمر منه غيركم، فإن ظفر برسول الله- صلى الله عليه وسلم- فذلك ما أردتم، وإن ظفر كنتم بالخيار بين أن تدخلوا فيما دخل فيه الناس، أو تقاتلوا وأنتم وافرون جامّون. إن الحرب قد نهكتكم وأذهبت الأماثل منكم. وأخرى إن رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- يخبركم إنه لم يأت لقتال أحد، إنّما جاء معتمرا، معه الهدي، عليه القلائد ينحره وينصرف. [ (١) ]

فقالوا: قد سمعنا ما تقول، ولا كان هذا أبدا، ولا دخلها علينا عنوة، فارجع إلى صاحبك فأخبره أنّه لا يصل إلينا.


[ (١) ] أخرجه ابن سعد ٢/ ١/ ٧٠ والبيهقي في الدلائل ٤/ ١٣٣.