للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسلمة، فجاء بهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأفلت مكرز فخبّر أصحابه وظهر قول النبي- صلى الله عليه وسلم- كما تقدم أنه رجل غادر، وكان رجال من المسلمين قد دخلوا مكّة بإذن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهم: كرز بن جابر الفهري، وعبد الله بن سهيل بن عمرو بن عبد شمس، وعبد الله بن حذافة السّهمي، وأبو الرّوم بن عمير العبدريّ، وعيّاش بن أبي ربيعة، وهشام ابن العاص بن وائل، وأبو حاطب بن عمرو من عبد شمس وعمير بن وهب الجمحيّ وحاطب بن أبي بلتعة، وعبد الله بن أبي أميّة. قد دخلوا مكة في أمان عثمان، وقيل: سرا، فعلم بهم فأخذوا، وبلغ قريشا حبس أصحابهم الذين مسكهم محمد بن مسلمة، فجاء جمع من قريش إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- وأصحابه حتى تراموا بالنّبل والحجارة، وأسر المسلمون من المشركين- أيضا- اثني عشر فارسا، وقتل من المسلمين ابن زنيم- وقد أطلع الثّنية من الحديبية- فرماه المشركون فقتلوه، وبعثت قريش سهيل بن عمرو وحويطب بن عبد العزى- وأسلما بعد ذلك، ومكرز بن حفص،

فلمّا جاء سهيل ورآه النبي- صلى الله عليه وسلم- قال لأصحابه: سهل أمركم

فقال سهيل: يا محمد إن الذي كان من حبس أصحابك وما كان من قتال من قاتلك لم يكن من رأي ذوي رأينا بل كنّا له كارهين حين بلغنا، ولم نعلم به، وكان من سفهائنا، فابعث إلينا بأصحابنا الذين أسرت أوّل مرّة، والذين أسرت آخر مرّة.

فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلّم-: «إنّي غير مرسلهم حتّى ترسلوا أصحابي» ،

فقالوا: أنصفتنا، فبعث سهيل ومن معه إلى قريش بالشّييم- بشين معجمة مصغّر- بن عبد مناف التّيميّ، فبعثوا بمن كان عندهم: وهم عثمان والعشرة السابق ذكرهم- رضي الله عنهم- وأرسل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أصحابهم الذين أسرهم، وقبل وصول عثمان ومن معه بلغ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إن عثمان ومن معه قد قتلوا، فكان ذلك حين دعا إلى البيعة.

ذكر مبايعته- صلى الله عليه وسلّم- بيعة الرضوان وفضل من بايع

قالوا: لما بلغ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إن عثمان قد قتل دعا الناس إلى البيعة، وقال: «لا نبرح حتّى نناجز القوم» وأتى رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- منازل بني مازن بن النجار، وقد نزلت في ناحية من الحديبية، فجلس في رحالهم تحت شجرة خضراء ثم قال: «إن الله- تعالى- أمرني بالبيعة»

فأقبل الناس يبايعونه حتى تداكوا فما بقي لبني مازن متاع إلا وطئ، ثم لبسوا السّلاح وهو معهم قليل، وقامت أم عمارة إلى عمود كانت تستظل به فأخذته بيدها وشدّت سكينا في وسطها وروى ابن جرير وابن أبي حاتم عن سلمة بن الأكوع والبيهقي عن عروة، وابن إسحاق عن الزهري، ومحمد بن عمر عن شيوخه، قال سلمة: بينا نحن قائلون إذ نادى منادي رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «أيها النّاس البيعة البيعة، نزل روح القدس فاخرجوا على اسم الله» قال