للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلّم-: «أبعد ما نهيت عن القتال؟. قالوا: نعم. فأمر رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- مناديا فنادى في الناس «لا تحل الجنة لعاص» .

وروى الطبراني في الصغير عن جابر- رضي الله عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال يومئذ: «لا تتمنّوا لقاء العدوّ، واسألوا الله تعالى العافية، فإنكم لا تدرون ما تبتلون به منهم، فإذا لقيتموهم فقولوا: اللهمّ أنت ربّنا وربهم، ونواصينا ونواصيهم بيدك، وإنما تقتلهم أنت، ثمّ الزموا الأرض جلوسا، فإذا غشوكم فانهضوا، وكبّروا» ،

وذكر الحديث [ (١) ] .

قال ابن إسحاق، ومحمد بن عمر، وابن سعد: وفرّق رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الرايات، ولم تكن الرّايات إلّا يوم خيبر، وإنما كانت الألوية.

وكانت راية رسول الله- صلى الله عليه وسلم- سوداء من برد لعائشة- رضي الله عنها- تدعى العقاب، ولواؤه أبيض، دفعه إلى علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- ودفع راية إلى الحباب بن المنذر، وراية إلى سعد بن عبادة، وكان شعارهم «يا منصور أمت» [ (٢) ] .

وأذن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في القتال، وحثّهم على الصّبر، وأوّل حصن حاصره حصن ناعم بالنّون، والعين المهملة، وقاتل- صلى الله عليه وسلّم- يومه ذلك أشدّ القتال، وقاتله أهل النّطاة أشد القتال، وترّس جماعة من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يومئذ، وعليه- كما قال محمد بن عمر- درعان وبيضة ومغفر، وهو على فرس يقال له الظّرب، وفي يده قناة وترس.

وتقدم في حديث أنس: أنه كان على حمار فيحتمل أنّه كان عليه في الطريق، ثم ركب الفرس حال القتال. والله أعلم.

فقال الحباب: يا رسول الله لو تحولت؟ فقال: «إذا أمسينا- إن شاء الله- تحوّلنا» .

وجعلت نبل يهود تخالط العسكر وتجاوزه، والمسلمون يلتقطون نبلهم ثم يردّونها عليهم- فلما أمسى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- تحوّل إلى الرّجيع وأمر النّاس فتحوّلوا، فكان رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- يغدو بالمسلمين على راياتهم حتى فتح الله الحصن عليهم.

ذكر أخذ الحمى المسلمين ورفعها عنهم ببركته- صلّى الله عليه وسلم-

وروى البيهقي عن طريق عاصم الأحول عن أبي عثمان الفهري وعن أبي قلابة وأبي نعيم، والبيهقي عن عبد الرحمن بن المرقع- رضي الله عنه- ومحمد بن عمر عن شيوخه


[ (١) ] بنحوه أخرجه مسلم في الجهاد باب ٦ رقم (٢٠) ، وهو عند البخاري بنحوه أيضا في الصحيح حديث (٧٢٣٧) ، والدارمي ٢/ ٢١٦ وعبد الرزاق (٩٥١٣) (٩٥١٨) وأبو داود في الجهاد باب ٩٧.
[ (٢) ] أخرجه البيهقي في الدلائل ٤/ ٤٨ وذكره ابن حجر في المطالب (٤٢٠٢) والواقدي في المغازي ١/ ٤٠٧.