للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر انتقاله- صلى الله عليه وسلم- إلى حصون الكتيبة وبعثه السرايا لوجع رأسه وما وقع في ذلك من الآيات

لما فتح رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- حصون النّطاة، والشّق انهزم من سلم منهم إلى حصون الكتيبة، وأعظم حصونها القموص، وكان حصنا منيعا.

ذكر موسى بن عقبة: إن رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- حاصره قريباً من عشرين ليلة، وكانت أرضا وخمة.

وروى الشيخان عن سهل بن سعد، والبخاريّ وابن أبي أسامة، وأبو نعيم عن سلمة بن الأكوع، وأبو نعيم، والبيهقي عن عبد الله بن بريدة عن أبيه. وأبو نعيم عن ابن عمر، وسعد بن أبي وقاص، وأبي سعيد الخدري، وعمران بن حصين، وجابر بن عبد الله، وأبو ليلى، ومسلم، والبيهقي عن أبي هريرة، والإمام أحمد وأبو يعلى والبيهقي عن علي- رضي الله عنهم- قال بريدة- رضي الله عنه-: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- تأخذه الشّقيقة فيمكث اليوم واليومين لا يخرج، فلما نزل خيبر أخذته الشّقيقة فلم يخرج إلى الناس، فأرسل أبا بكر- رضي الله عنه- فأخذ راية رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، ثم نهض فقاتل قتالاً شديداً، ثم رجع، ولم يكن فتح. وقد جهد، ثم أرسل عمر- رضي الله عنه- فأخذ راية رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقاتل قتالا شديدا هو أشد من القتال الأول، ثم رجع، ولم يكن فتح. وفي حديث عن علي عند البيهقي: إن الغلبة كانت لليهود في اليومين [ (١) ] . انتهى.

فأخبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بذلك فقال: «لأعطين الراية غدا رجلا يفتح الله عليه، ليس بفرار، يحب الله ورسوله، يأخذها عنوة» وفي لفظ «يفتح الله علي يديه»

قال بريدة: فبتّنا طيّبة أنفسنا أن يفتح غدا، وبات النّاس يدوكون ليلتهم أيّهم يعطاها، فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كلهم يرجو أن يعطاها، قال أبو هريرة قال عمر: فما أحببت الإمارة قطّ حتى كان يومئذ [ (٢) ] .

قال بريدة: فما منّا رجل له من رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- منزلة إلا وهو يرجو أن يكون ذلك الرّجل، حتى تطاولت أنالها، ورفعت رأسي لمنزلة كانت لي منه، وليس منّة.

وفي حديث سلمة، وجابر: وكان عليّ تخلف عن رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- لرمد شديد كان به لا يبصر، فلما سار رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: لا، أنا أتخلف عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم-!! فخرج


[ (١) ] البيهقي في الدلائل ٤/ ٢٠٩.
[ (٢) ] أخرجه البخاري ٧/ ٥٤٤ (٤٢٠٩) (٤٢١٠) والبيهقي في الدلائل ٤/ ٢٠٥.