للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله، أترى قريشا تجترئ على نقض العهد الذي بينك وبينهم، وقد أفناهم السيف؟ فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلّم-: «ينقضون العهد لأمر يريده الله تعالى» فقالت: يا رسول الله «خير» قال:

«خير»

[ (١) ]

وروى الطبراني في الكبير والصغير عن ميمونة بنت الحارث- رضي الله عنهما- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- بات عندها ليلة، فقام ليتوضأ إلى الصّلاة، فسمعته يقول في متوضّئه:

«لبّيك لبّيك لبّيك- ثلاثا- نصرت نصرت نصرت- ثلاثا-» فلما خرج، قلت: يا رسول الله، سمعتك تقول في متوضئك «لبّيك لبّيك- ثلاثا- نصرت نصرت» ثلاثا، كأنك تكلّم إنسانا، فهل كان معك أحد؟ قال: «هذا راجز بني كعب يستصرخني، ويزعم أنّ قريشا أعانت عليهم بكر بن وائل» قالت ميمونة: فأقمنا ثلاثاً ثم صلى رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- الصبح بالناس [ (٢) ] فسمعت الرّاجز ينشد:

يا رب إني ناشد محمّدا ... حلف أبينا وأبيه الأتلدا

فذكرت الرجز الآتي.

ذكر قدوم عمرو بن سالم على رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- يخبره بما وقع لهم

روى الطبراني في الكبير والصّغير عن ميمونة بنت الحارث، [ (٣) ] والبزّار بسند جيد عن أبي هريرة- رضي الله عنه- وابن أبي شيبة في المصنف عن عكرمة، والبيهقي عن ابن إسحاق، ومحمد بن عمر عن شيوخه: إن عمرو بن سالم الخزاعي خرج في أربعين راكبا من خزاعة يستنصرون رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ويخبرونه بالذي أصابهم، وما ظاهرت عليهم قريش ومعاونتهم لهم بالرجال، والسّلاح، والكراع، وحضور صفوان بن أمية وعكرمة، ومن حضر من قريش، وأخبروه بالخبر ورسول الله- صلى الله عليه وسلم- جالس في المسجد بين أظهر الناس، ورأس خزاعة عمرو ابن سالم، فلما فرغوا من قصّتهم، قام عمرو بن سالم فقال:

يا رب إنّي ناشد محمّدا ... حلف أبينا وأبيه الأتلدا

قد كنتم ولدا وكنّا والدا ... ثمّت أسلمنا فلم ننزع يدا


[ (١) ] المغازي للواقدي ٢/ ٧٨٨.
[ (٢) ] ذكره الهيثمي في المجمع ٦/ ١٦٦.
[ (٣) ] (ع) ميمونة بنت الحارث بن حزن بن بجير بن الهزم بن رويبة بن عبد الله بن هلال، العامريّة الهلالية أم المؤمنين. لها ستة وأربعون حديثاً اتفقا على سبعة، وانفرد (خ) بحديث، و (م) بخمسة. عنها ابن عباس، ويزيد بن الأصم، وجماعة.
قال الزهري: هي التي وهبت نفسها. قال المزّي: توفيت بسرف سنة إحدى وخمسين. قاله خليفة. الخلاصة ٣/ ٣٩٢.