للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الباب الثامن في تجديد حفر زمزم على يد عبد المطلب بن هاشم]

قال السهيلي: وكانت زمزم كما تقدم سقيا إسماعيل صلى الله عليه وسلم فحفرها له روح القدس بعقبه.

وفي تحفيره إياها بالعقب دون أن يحفرها باليد أو غيره: إشارة إلى أنها لعقبه وراثة وهو محمد صلى الله عليه وسلم وأمته، كما قال تعالى: وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ أي في أمة محمد صلّى الله عليه وسلم. انتهى.

ولم يزل ماء زمزم ظاهراً ينتفع به سكان مكة.

ولما توفي الله سبحانه وتعالى إسماعيل بن إبراهيم صلى الله عليه وسلم ولي البيت بعده ابنه نابت بن إسماعيل ما شاء الله تعالى أن يليه، ثم ولي البيت مضاض بن عمرو الجرهميّ وبنو إسماعيل وبنو نابت مع جدهم مضاض وأخوالهم من جرهم. ثم نشر الله تعالى ولد إسماعيل بمكة، وأخوالهم من جرهم ولاة البيت والحكام بمكة لا ينازعهم ولد إسماعيل في ذلك لخؤولتهم وقرابتهم، وإعظاما للحرمة أن يكون بها بغيّ أو قتال.

ثم إن جرهما بغوا بمكة واستحلّوا حلالاً من الحرم، فظلموا من دخلها من غير أهلها وأكلوا مال الكعبة الذي يهدى لها فرقّ أمرهم، فلما رأت بنو بكر بن عبد مناة من كنانة وغبشان من خزاعة ذلك أجمعوا لحربهم وإخراجهم من مكة، فآذنوهم، أي أعلموهم، بالحرب، فاقتتلوا، فغلبهم بنو بكر وغبشان فنفوهم من مكة، وكانت مكة في الجاهلية لا تقرّ فيها ظلماً ولا بغياً، ولا يبغي فيها أحد إلا أخرجته، ولا يريدها ملك يستحلّ حرمتها إلا أهلكته مكانه.

فخرج عمرو بن الحارث بن مضاض بغزالي الكعبة وبحجر الركن، فدفن الغزالين في زمزم وردمها، ومرت عليها السنون عصراً بعد عصر إلى أن صار موضعها لا يعرف حتى بوّأها الله تعالى لعبد المطلب.

وانطلق عمرو بن الحارث بن مضاض ومن معه من جرهم إلى اليمن.

حفر عبد المطلب وروى قصة حفر عبد المطلب لزمزم ابن إسحاق عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، والبيهقي عن الزهري: أن عبد المطلب بينا هو نائم في الحجر أتي فقيل له: أحفر برّة. قال: وما برّة؟ فذهب عنه، حتى إذا كان الغد فنام في مضجعه ذلك فأتى فقيل: له: احفر المضنونة. قال: وما المضنونة؟ فذهب عنه، حتى إذا كان الغد فنام في مضجعه ذلك فقيل له: