للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتقطر غما وتأثرا مما يشبه أن يكون ضعفا عن احتمال صدمة الحادث ...

والحقيقة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسمى قدرا من أن يصدر منه ما صوره الدكتور هيكل هياما في الخيال والشعر والقصص. وإنما أظهر رسول الله ما أظهر من حزن سام وذرفت عيناه دموعا مطهرة لا يذرفها إلا لله. ولا يمكن أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم قد بدرت منه الألفاظ التي نسبها إليه الدكتور هيكل منساقا مع شعوره حين حزن هو على فقد ولده ولأجل هذا غير اسم كتاب رحلته إلى أوروبا إلى عنوان (ولدي) . إن رسول الله يعلم علم اليقين وحق اليقين أن الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، وأن ولده إبراهيم لن يعيش طويلا حيث يقول الله تبارك وتعالى ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ ولقد مات له ولدان من قبل احتسبهما في رضى وإيمان.

[تقبل وجهات نظر درمنجم في مسائل أساسية:]

وقد أخذ على الدكتور هيكل تقبل وجهات نظر إميل درمنجم في تصوره أن النبي قد تأثر بأهل الكتاب في الجزيرة العربية أو في ذهابه إلى الشام أو في إرسال بعض أصحابه إلى الحبشة المسيحية، فقد جرى هيكل وراء عبارات درمنجم دون أن يتبين مكره وخبثه حين حاول أن يصور دعوة النبي أصحابه إلى الهجرة إلى الحبشة لأنها مسيحية، ويتساءل الدكتور حسين الهراوي الذي ناقش هيكلا في هذه النقطة: هل حقيقة كانت الهجرة إلى الحبشة لأنها مسيحية. ويقول إن در منجم شأن المستشرقين بتر هذه القصة بصفة مشوهة للحقيقة. فلم يكن الدافع للنجاشي ورعه وتقواه ولم يكن سبب عطفه ورحمته ذلك الدافع الديني بل الدافع الحقيقي إن هذا النجاشي كان عادلا وهذه هي الخلة التي ذكرها النبي حين قال: «لأنّ فيها ملكا لا يظلم عنده أحد وهي أرض صدق» .

ومن مراوغات درمنجم تفسيره للآية الكريمة:

فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ. يريد درمنجم أن يقول: إن القرآن طلب إلى النبي سؤال أهل الكتاب وأن الله تعالى رضي للناس الإسلام دينا مع بقاء الأديان التي سبقت، وحدة مندمجة. فيما أسماه الكمال الروحي. ولا ريب أن هذه مراوغة خطيرة من الاستشراق يحاول بها أن يفسر الآيات القرآنية تفسيرا يخدم بها أهدافه، والحقيقة أن الإسلام جاء ليظهره الله على الدين كله وأن الأديان كلها التي سبقت كانت موصلة إليه لولا أن قادتها حرفوها.

[ثانيا: ظاهرة إنكار المعجزات وتأويلها إرضاء للمنهج الغربي وباسم إعلاء نظرة العقل:]

هذه الظاهرة واضحة تماما في كتابات هيكل وطه حسين والعقاد وقد قامت عليها

<<  <  ج: ص:  >  >>