للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب السادس عشر في سرية المنذر بن عمرو [الساعدي] رضي الله تعالى عنه إلى بئر معونة وهي سرية القراء رضي الله تعالى عنهم، في صفر على رأس ستة وثلاثين شهراً من الهجرة

روى الشيخان والبيهقي عن أنس، والبيهقي عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنهم، والبخاري عن عروة بن الزبير، ومحمد بن إسحاق عن المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وعبد اللَّه بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وغيرهما، ومحمد بن عمر عن شيوخه، قال أنس في رواية قتادة كما في الصحيح أنّ رعلا وذكوان وعصيّة وبني لحيان أتوا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فزعموا أنهم قد أسلموا واستمدوه على عدوّهم. ورواه البخاري والإسماعيلي في مستخرجه في كتاب الوتر، واللفظ للإسماعيلي أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بعث ناسا يقال لهم القراء وهم سبعون رجلا إلى أناس من المشركين بينهم وبين رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عهد فقتلهم قوم مشركون دون أولئك. وقال ابن إسحاق عن مشايخه، وموسى بن عقبة عن ابن شهاب أسماء الطائفتين وإن أصحاب العهد بنو عامر، ورأسهم أبو براء عامر بن مالك، وإن الطائفة الأخرى من بني سليم وكان رأسهم عامر بن الطفيل العامري، وهو ابن أخي أبو براء.

فروى ابن إسحاق عن المغيرة بن عبد الرحمن، وعبد اللَّه بن أبي بكر وغيرهما، ومحمد بن عمر عن شيوخه قالوا: قدم عامر بن مالك بن جعفر أبو براء ملاعب الأسنة العامري على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فأهدى إليه فرسين وراحلتين، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «لا أقبل هدية من مشرك» [ (١) ] .

وفي رواية: «إني نهيت عن زبد المشركين» [ (٢) ] . وعرض عليه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم الإسلام فلم يسلم ولم يبعد، وقال: «يا محمد إني أرى أمرك هذا حسنا شريفا وقومي خلفي، فلو أنك بعثت معي نفرا من أصحابك لرجوت أن يتّبعوا أمرك فإنهم إن اتّبعوك فما أعزّ أمرك» .

فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «إني أخاف عليهم أهل نجد» .

فقال عامر: لا تخف إني لهم جار إن يعرض لهم أحد من أهل نجد. وخرج عامر بن مالك إلى ناحية نجد فأخبرهم أنه قد أجار أصحاب محمد صلى اللَّه عليه وسلم فلا تعرضوا لهم. وكان من الأنصار سبعون رجلا شببة يسمّون القرّاء.

كانوا إذا أمسوا أتوا ناحية من المدينة إلى معلّم لهم فتدارسوا القرآن وصلّوا حتى إذا كان وجه الصبح استعذبوا من الماء وحطبوا من الحطب فجاءوا به إلى حجر أزواج رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم.


[ (١) ] أخرجه الطبراني ٣/ ٢١٦ والبخاري في التاريخ ٥/ ٣٠٤ وذكره المتقي الهندي في كنز العمال (١٤٤٧٣) .
[ (٢) ] أخرجه أبو داود في كتاب الخراج (٣٠٥٧) والترمذي (١٥٧٧) والطبراني في الكبير ١٧/ ٣٦٤ وابن عبد البر في التمهيد ٢/ ١٢.