للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالسّلب للقاتل؟ قال: بلى ولكني استكثرته. فقلت لتردّنّه أو لأعرفنّكها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأبي أن يرد عليه. قال عوف: فاجتمعنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقصصت عليه قصة المدديّ وما فعل خالد،

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما صنعت؟» قال:

استكثرته. قال: «ردّ عليه ما أخذت منه» . قال عوف: دونكها يا خالد ألم أف لك؟ [فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وما ذاك؟» فأخبرته] . فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «يا خالد لا ترد عليه هل أنتم تاركون أمرائي لكم صفوة أمرهم وعليهم كدره» [ (١) ] .

[ذكر بعض ما غنمه المسلمون يوم مؤتة]

روى محمد بن عمر، والحاكم في الإكليل عن جابر رضي الله تعالى عنه قال: أصيب بمؤتة ناس من المسلمين، وغنم المسلمون بعض أمتعة المشركين، وكان فيما غنموا خاتم جاء به رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: قتلت صاحبه يومئذ فنفّلنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وتقدم حديث عوف بن مالك رضي الله تعالى عنه. وروى محمد بن عمر، عن خزيمة بن ثابت رضي الله تعالى عنه قال: «حضرت مؤتة فبارزني رجل منهم يومئذ فأصبته وعليه بيضة له فيها ياقوتة، فلم تكن همّتي إلا الياقوتة، فأخذتها. فلما رجعنا إلى المدينة أتيت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فنفّلنيها، فبعتها زمن عثمان بمائة دينار فاشتريت بها حديقة نخل» . قال في البداية: «وهذا يقتضي أنهم غنموا منهم وسلبوا من أشرافهم وقتلوا من أمرائهم» . وروى البخاري عن خالد رضي الله تعالى عنه قال: «لقد اندقت في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف وما ثبت في يدي إلا صفيحة يمانية» [ (٢) ] وهذا يقتضي أنهم أثخنوا فيهم قتلا ولو لم يكن كذلك لما قدروا على التخلص منهم- إذ كان المسلمون ثلاثة آلاف والمشركون أكثر من مائتي ألف- وهذا وحده دليل مستقل والله أعلم.

وقد ذكر ابن إسحاق أن قطبة بن قتادة العذري الذي كان على ميمنة المسلمين حمل على مالك بن رافلة ويقال ابن رافلة، وهو أمير أعراب النصارى، فقتله، وقال قطبة يفتخر بذلك:

طعنت ابن رافلة ابن الإراش ... برمح مضى فيه ثمّ انحطم

ضربت على جيده ضربة ... فمال كما مال غصن السّلم

وسقنا نساء بني عمّه ... غداة رقوقين سوق النّعم

وهذا يؤيد ما نحن فيه لأن من عادة أمير الجيش إذا قتل أن يفرّ أصحابه، ثم إنه صرّح في شعره بأنهم سبوا من نسائهم، وهذا واضح فيما ذكرناه.

وروى الإمام أحمد وابن ماجة عن


[ (١) ] أخرجه مسلم ٣/ ١٤٧٣ كتاب الجهاد (٤٣- ١٧٥٣) .
[ (٢) ] أخرجه البخاري ٧/ ٥٨٨ كتاب المغازي (٤٢٦٥) .