للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالكرزين ثم سقط مغشيّا عليه يركض برجليه فارتج أهل الطائف بصيحة واحدة وقالوا:

أسعد اللَّه المغيرة قد قتلتم الرّبّة. زعمتم أن الرّبّة لا تمتنع بل واللَّه لتمنعنّ، وفرحوا حين رأوه ساقطا، وقالوا: من شاء منكم فليقترب وليجتهد على هدمها فو اللَّه لا يستطاع أبدا. فوثب المغيرة بن شعبة وقال: قبحكم اللَّه يا معشر ثقيف إنما هي لكاع، حجارة ومدر، فاقبلوا عافية اللَّه تعالى ولا تعبدوها ثم إنه ضرب الباب فكسره ثم سوّرها وعلا الرجال معه فما زالوا يهدمونها حجرا حجرا حتى سوّوها بالأرض، وجعل السادن يقول: ليغضبنّ الأساس فليخسفنّ بهم.

فلما سمع بذلك المغيرة حفر أساسها فخرّبه حتى أخرجوا ترابها وانتزعوا حليتها وكسوتها وما فيها من طيب وذهب وفضّة وثيابها. فبهتت ثقيف فقالت عجوز منهم: أسلمها الرضاع لم يحسنوا المصاع. وأقبل أبو سفيان والمغيرة وأصحابهما حتى دخلوا على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بحلّيها وكسوتها وأخبروه خبرهم، فحمد اللَّه تعالى على نصر نبيّه وإعزاز دينه، وقسم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم مال الطاغية من يومه،

وسأل أبو المليح بن عروة بن [مسعود بن معتّب الثقفي] رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أن [يقضي] عن أبيه عروة دينا كان عليه من مال الطاغية. فقال له رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «نعم» . فقال له قارب بن الأسود، وعن الأسود يا رسول اللَّه فاقضه، وعروة والأسود أخوان لأب وأم. فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «إن الأسود مات مشركا» . فقال قارب: يا رسول اللَّه لكن تصل مسلما ذا قرابة، يعني نفسه، إنما الدّين عليّ وإنما أنا الذي أطلب به.

فأمر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم أبا سفيان أن يقضي دين عروة والأسود من مال الطاغية.

[تنبيه: في بيان غريب ما سبق:]

الطاغية: هي اللّات.

ياليل: بتحتيتين وبينهما لام مكسورة وآخره لام.

علاج: بكسر العين المهملة وبالجيم.

أرأيت: أخبرني.

الرّبّة: بفتح الراء.

أوضعنا: بفتح أوله وسكون الواو وفتح الضاد المعجمة الساقطة وسكون العين المهملة:

أسرعنا.

ذو الهرم: بفتح الهاء وسكون الراء: مال كان لعبد المطلب أو لأبي سفيان بالطائف.

استكفّ: اجتمع.