للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب الحادي والسبعون في بعثة صلّى اللَّه عليه وسلم خالد بن الوليد إلى همدان ثم بعثه عليا رضي اللَّه عنهما.

روى البيهقي في السنن والدلائل والمعرفة عن البراء بن عازب رضي اللَّه تعالى عنهما قال: بعث رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم خالد بن الوليد إلى أهل اليمن يدعوهم إلى الإسلام. قال البراء فكنت فيمن خرج مع خالد بن الوليد فأقمنا ستة أشهر ندعوهم إلى الإسلام فلم يجيبوا.

ثم إن النبي صلى اللَّه عليه وسلم بعث علي بن أبي طالب مكان خالد وأمره أن يقفل خالدا وقال: «مر أصحاب خالد من شاء منهم أن يعقّب معك فليعقّب ومن شاء فليقبل» .

قال البراء: فكنت فيمن عقّب مع عليّ. فلما دنونا من القوم خرجوا إلينا فصلّى بنا عليّ ثم صفّنا صفّا واحدا ثم تقدّم بين أيدينا وقرأ عليهم كتاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فأسلمت همدان جميعا. فكتب عليّ إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بإسلامهم. فلما قرأ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم الكتاب خرّ ساجدا ثم رفع رأسه وقال: «السلام على همدان» [ (١) ] مرتين رواه البخاري مختصرا. وعنده عن البراء قال: فغنمت أواق ذوات عدد» .

وروى الترمذي وقال حسن غريب عن البراء رضي اللَّه تعالى عنه قال: بعث رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إلى اليمن جيشين وأمّر عليّا على أحدهما وعلي الآخر خالد بن الوليد. وقال:

«إذا كان قتال فعليّ رضي اللَّه تعالى عنه الأمير» . قال: فافتتح عليّ حصنا فغنمت أواقي ذوات عدد، وأخذ عليّ منه جارية. قال: فكتب معي خالد إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم- الذي في جامع الترمذي «بشيء به» قال الترمذي: يعني النميمة- يخبره. قال: فلما قدمت على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وقرأ الكتاب رأيته يتغيّر لونه فقال: «ما ترى في رجل يحب اللَّه ورسوله ويحبّه اللَّه تعالى ورسوله؟» فقلت: أعوذ باللَّه من غضب اللَّه تعالى وغضب رسوله، إنما أنا رسول. فسكت. [ (٢) ] .

وروى الإمام أحمد، والبخاري والإسماعيلي، والنّسائي عن بريدة بن الحصيب رضي اللَّه تعالى عنه قال: «أصبنا سبيا فكتب خالدا إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «ابعث إلينا من يخمّسه» . وفي السّبي وصيفة هي من أفضل السّبي. فبعث رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عليّا إلى خالد ليقبض منه الخمس، وفي رواية: ليقسم الفيء. فقبض منه فخمّس وقسم، واصطفى عليّ سبيّة، فأصبح وقد اغتسل ليلا. وكنت أبغض عليّا بغضا لم أبغضه أحدا، وأحببت رجلاً من قريش لم أحبّه إلا لبغضه عليّا. فقلت لخالد: ألا ترى إلى هذا؟ وفي رواية: فقلت يا أبا الحسن


[ (١) ] أخرجه البيهقي في السنن ٢/ ٣٦٦ وفي الدلائل ٥/ ٣٦٩ والبخاري ٧/ ٦٦٣ (٤٣٤٩) .
[ (٢) ] أخرجه الترمذي ٤/ ١٨٠ (١٧٠٤) .