للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب الرابع والثلاثون في وفود بني الحارث بن كعب إليه صلى اللَّه عليه وسلم

قال ابن إسحاق رحمه اللَّه تعالى إن خالد بن الوليد رضي اللَّه تعالى عنه لما انقاد له بنو الحارث بن كعب بنجران كتب بذلك كتابا إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فكتب إليه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أن يقبل ويقبل معه وفدهم، فأقبل وأقبل معه قيس بن الحصين ذي الغصّة، ويزيد بن عبد المدان، ويزيد بن المحجّل، وعبد اللَّه بن قراد الزيادي، وشدّاد بن عبد اللَّه القناني، وعمرو بن عبد الله الضّبابي.

وقال لهم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «بم كنتم تغلبون من قاتلكم في الجاهلية؟» قالوا: لم نكن نغلب أحدا. قال: «بلى [قد كنتم تغلبون من قاتلكم] » قالوا: كنا نجتمع ولا نتفرّق، ولا نبدأ أحدا بظلم. قال: «صدقتم» .

وأمّر عليهم قيس بن الحصين فرجعوا إلى قومهم في بقية من شوّال أو في صدر ذي القعدة فلم يمكثوا بعد أن رجعوا إلى قومهم إلا أربعة أشهر حتى توفي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم [ (١) ] .

وكان بعث خالدا إليهم في شهر ربيع الآخر أو جمادى الأولى سنة عشر وأمره أن يدعوهم إلى الإسلام قبل أن يقاتلهم ثلاثا، فإن استجابوا فليقبل منهم وإلا فليقاتلهم فخرج خالد حتى قدم عليهم، فبعث الرّكبان في كل وجه يدعون إلى الإسلام ويقولون: أيها الناس أسلموا تسلموا» . فأسلم الناس ودخلوا فيما دعوا إليه وأقام خالد فيهم يعلّمهم الإسلام.

وكتب النبي صلى اللَّه عليه وسلم [كتابا نسخته: «بسم اللَّه الرحمن الرحيم، من محمد النبي رسول اللَّه إلى خالد بن الوليد، سلام عليك فإني أحمد إليك اللَّه الذي لا إله إلا هو، أما بعد فإن كتابك جاءني مع رسولك تخبر أن بني الحارث بن كعب قد أسلموا قبل أن تقاتلهم، وأجابوا إلى ما دعوتهم إليه من الإسلام وشهدوا أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدا عبد اللَّه ورسوله وأن قد هداهم اللَّه بهداه فبشّرهم وأنذرهم وأقبل وليقبل معك وفدهم والسلام عليك ورحمة اللَّه وبركاته] » .


[ (١) ] انظر البداية والنهاية ٥/ ٩٥.