للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الباب الرابع عشر في إعطائه القود من نفسه صلى الله عليه وسلم]

روى ابن سعد- بسند رجاله ثقات- عن عمرو بن شعيب قال: لمّا قدم عمر الشام أتاه رجل يستأذنه على أمير ضربه، فأراد عمر أن يقيده، فقال له عمرو بن العاص: أتقيده منه؟ قال:

نعم، قال: فلا نعمل لك عملا، قال: لا أبالي أن أقيده منه، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يعطي القود من نفسه، قال: أفلا نرضيه؟ قال: أرضوه إن شئتم.

وروى إبراهيم الحربي عن عطاء قال: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبيده قضيب، فأصاب بطن الأعرابي، وزحم رسول الله صلى الله عليه وسلم الأعرابي فخدشه، فقال: «اقتص» ، فأبى، فقال:

«لتقصن، أو لتأخذن تبعة الغير» [ (١) ] .

وروى ابن سعد عن سعيد بن المسّيب قال: أقاد رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفسه وأقاد أبو بكر من نفسه وأقاد عمر من نفسه.

وروى ابن عساكر والحاكم عن حبيب بن مسلمة قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا إلى القصاص من نفسه في خدش خدشه أعرابيا لم يتعمده، فأتاه جبريل فقال: يا محمد إن الله لم يبعثك جبارا، ولا متكبرا، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلّم الأعرابي فقال: «اقتص مني» ، فقال الأعرابي:

قد أحللتك، بأبي وأمي، وما كنت لأفعل ذلك أبدا، ولو أتيت على نفسي، فدعا له بخير [ (٢) ] .

وروى ابن أبي شيبة، وأبو الحسن بن الضحاك عن عمر رضي الله تعالى عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقتص من نفسه،

وقال ابن إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي بكر عن رجل من العرب قال: زحمت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، وفي رجلي نعل كثيفة، فوطئت بها على رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فنفحني بسوط في يده، وقال: «باسم الله أوجعتني» ، فبت لائما نفسي، أقول:

أوجعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أصبحنا فإذا رجل يقول: أين فلان؟ فقلت هذا والله الذي كان مني بالأمس، فانطلقت، وأنا متخوف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إنك وطئت بنعلك رجلي بالأمس فأوجعتني، فنفحتك بسوط فهذه ثمانون نعجة فخذها بها» [ (٣) ] .

وروى ابن حبان في صحيحه، وأبو الحسن بن الضحاك عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: رغب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم في الجهاد، فاجتمعوا عليه حتى غمّوه، وفي يده


[ (١) ] أخرجه الطبراني في الكبير ١/ ١٧٥ والبيهقي في السنن الكبرى ٨/ ٤٩.
[ (٢) ] أخرجه الحاكم ٣/ ٢٨٨، ٤/ ٣٣١ وأبو نعيم في الحلية ٦/ ١٣٧ والكنز (٤٠٢١٧) .
[ (٣) ] أخرجه الدارمي ١/ ٣٥.