للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب السادس عشر في زهده في الدنيا صلى الله عليه وسلّم، وورعه، واختياره الفقر، وسؤاله ربه تبارك وتعالى أن يكون مسكينا

قال الله سبحانه وتعالى: وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ، زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ، وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى.

وروى ابن عساكر عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا عائشة لو شئت لسارت معي جبال الذهب» [ (١) ] .

وروى أبو يعلى، وابن عساكر، والشيخان، والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا» [ (٢) ] .

وروى ابن سعد، والتّرمذي، وأبو الشيخ عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه وابن سعد وابن حبان عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عرض عليّ ربي بطحاء مكة ذهبا، فقلت:

لا يا رب، ولكني أجوع يوما، وأشبع يوما، فإذا شبعت حمدتك، وشكرتك، وإذا جعت تضرعت إليك، ودعوتك» [ (٣) ] .

وروى الإمام أحمد عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: التفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد، فقال: «والذي نفسي بيده ما يسرني أن أحدا يحوّل لآل محمد ذهبا، أنفقه في سبيل الله، أموت يوم أموت ما أدع منه دينارين، إلا دينارين أعدّهما لدين إن كان» [ (٤) ] .

وروى البيهقي، وابن عساكر عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لو عندي مثل أحد ذهبا ما سرني أن يأتي علي ثلاث ليال، وعندي منه شيء إلا شيئا أرصده لدين» .

وروى البخاري، وغيره عن أبي سعيد رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم جلس على المنبر فقال: «إن عبدا خيّره الله تعالى أن يؤتيه من زهرة الدنيا وما عنده، فاختار ما عنده» ،

فبكى أبو بكر، وقال: فديناك بآبائنا وأمهاتنا، قال: فعجبنا له فقال الناس: انظروا إلى هذا الشيخ


[ (١) ] أخرجه ابن سعد ١/ ٢/ ١٠١ والبغوي في التفسير ٥/ ٩٥ وانظر المجمع ٩/ ١٩.
[ (٢) ] أخرجه البخاري ١١/ ٢٨٣ (٦٤٦٠) ومسلم ٤/ ٢٢٨١ (١٨/ ١٠٥٥) .
[ (٣) ] أخرجه ابن المبارك في الزهد ص ٥٤ غضب حديث (١٩٦) وأحمد في المسند ٥/ ٢٥٤ والترمذي ٤/ ٥٧٥ (٢٣٤٧) وقال: حسن.
[ (٤) ] أخرجه أحمد ٢/ ٥٣٠، ٥/ ١٤٩ والطبراني في الكبير ١١/ ٣٢٨ وانظر المجمع ٣/ ١٢٠، ١٢٣، ١٠/ ٢٣٩.