للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سراقة فقال: يا رسول الله ألعامنا هذا أم للأبد؟ قال: فشبك رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابعه في الأخرى، وقال: «دخلت العمرة في الحج مرتين» [ (١) ] .

وروى ابن عساكر عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أي المؤمنين أحلم؟» قلت: الله ورسوله أعلم، قال: «إذا اختلفوا» ، - وشبك بين أصابعه- «وأبرّهم أبصرهم بالحق، وإن كان في عمله تقصير، وإن كان يزحف زحفا» [ (٢) ] .

[تنبيهات]

الأول:

وروى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة عن كعب بن عجرة رضي الله تعالى عنه قال: إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه ثم خرج عامدا إلى المسجد فلا يشبكن يده فإنه في صلاة،

وفي رواية للإمام أحمد عن كعب بن عجرة قال: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد وقد شبكت بين أصابعي، فقال لي: «يا كعب إذا كنت في المسجد فلا تشبك بين أصابعك، فأنت في صلاة ما انتظرت الصلاة» .

الثاني: قال الحافظ حديث أبي موسى دال على جواز التشبيك مطلقا، وحديث أبي هريرة دال على جوازه في المسجد، وإذا جاز في المسجد فهو في غيره أجوز، وبسط الكلام على ذلك، وقد ذكرته مع كلام غيره في كتاب سفينة السلامة.

الثالث: قال ابن المنير: التحقيق أنه ليس بين الأحاديث تعارض إذا النهي عن فعله على وجه العبث، جمع الإسماعيلي بأن النهي يقيد بما إذا كان في صلاة، أو قاصدا إليها، إذ منتظر الصلاة في حكم المصلى، وقيل إن حكمة النهي عنه لمنتظر الصلاة أن التشبيك يجلب النوم، وهو من نظام الحديث، وقيل: إن صورته تشبه صورة الاختلاف، فكره ذلك لمن هو في حكم الصلاة حتى لا يقع في النهي، وهو

قوله صلى الله عليه وسلم للمصلين: «ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم» ،

وقال الحافظ مغلطاي في شرح البخاري: زعم بعضهم أن هذه الأحاديث التي أوردها البخاري في هذا الباب معارضة بحديث النهي قال ابن بطال: إن حديث النهي يساوي هذه الأحاديث في الصحة، قال: الأكثر حديث النهي مخصوص بالصلاة، وهو قول مالك، روي عنه أنه قال: إنهم ينكرون تشبيك الأصابع في المسجد، وما به بأس، وإنما يكره في الصلاة، ورخص فيه ابن عمر، وسالم ابنه، وكانا يشبكان بين أصابعهما في الصلاة، ثم قال مغلطاي: والتحقيق أنه ليس بين حديث النهي عن التشبيك وبين تشبيكه صلى الله عليه وسلم بين أصابعه معارضة، لأن النهي إنما ورد


[ (١) ] سيأتي في الحج.
[ (٢) ] أحمد ٤/ ٢٤٤ والطبراني في الكبير ١٩/ ١٥٣ وابن حبان ذكره الهيثمي في الموارد (٣١٥) والبيهقي في السنن الكبرى ٣/ ٢٣١.