للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن أمره حتى عرف خبره، فأتى حرب بن أمية فأنّبه بصنيعه وطلب دم جاره، فأجار حرب قاتليه ولم يسلمهما وأخفاهما، وطالبه عبد المطلب بهما فتغالظا في القول حتى دعاهما المحك واللجاج إلى المنافرة، فجعلا بينهما النجاشيّ صاحب الحبشة، فأبى أن يدخل بينهما، فجعلا بينهما نفيل بن عبد العزى بن رباح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي جد عمر بن الخطاب، فقال لحرب: يا أبا عمرو تنافر رجلاً هو أطول منك قامة، وأوسم منك وسامة، وأعظم منك هامة، وأقل منك لامة. وأكثر منك ولدا، وأجزل منك صفدا، وأطول منك مددا، وإني لأقول قولي هذا، وإنك لبعيد الغضب، رفيع الصيت في العرب، جلد المريرة، تحبك العشيرة، ولكنك نافرت منفراً. فنفر عبد المطلب، فغضب حرب.

وأغلظ لنفيل وقال: من انتكاس الدهر جعلت حكما. وكانت العرب تتحاكم إليه فقال في ذلك نفيل:

أولاد شيبة أهل المجد قد علمت ... عليا معدّ إذا ما هزهز الورع

وشيخهم خير شيخ لست تبلغه ... أنيّ وليس به سخفٌ ولا طمع

يا حرب ما بلغت مسعاتكم هبعاً ... يسقي الحجيج وماذا يبلغ الهبع

أبوكما واحد والفرع بينكما ... منه العشاش ومنه الناضر الينع

فترك عبد المطلب منادمة حرب، ونادم عبد الله بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد ابن تيم بن مرة. ولم يفارق حرباً حتى أخذ منه مائة ناقة ودفعها إلى ابن عم اليهودي، وارتجع ماله إلا شيئاً يسيراً كان قد تلف فغرمه من ماله. فقال الأرقم بن نضلة بن هاشم في ذلك:

وقبلك ما أردى أميّة هاشمً ... فأورده عمروٌ إلى شرّ مورد

أيا حرب قد حاربت غير مقصّر ... شآك إلى الغايات طلاّع أنجد

[تفسير الغريب]

الصّفد [ (١) ] : بفتح الصاد والفاء: العطاء. الهبع: بضم الهاء وفتح الباء الموحدة: الفصيل الذي نتج في آخر النتاج. العشاش: بعين مهملة مكسورة وشينين معجمتين: جمع عشّ وهو ما يجمعه الطائر من حطام العيدان. الينع: بفتح المثناة التحتية: وهو من الثمر النضيج الطيب.

وروى البلاذري عن محمد بن السائب عن أشياخه قالوا: كان لعبد المطلب ماء يدعى الهرم فغلبه عليه جندب بن الحارث الثقفي في طائفة من ثقيف، فنافرهم عبد المطلب إلى


[ (١) ] والاسم من العطية الصّفد قال النابغة: فلم أعرّض- أبيت اللعن- بالصفد، اللسان ٤/ ٢٤٥٨.