للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب الثالث في كراهته صلى الله عليه وسلّم ستر الجدار، وكذا الباب بشيء فيه صورة حيوان

روى أبو بكر الشافعي عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها نصبت سترا فيه تصاوير، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فنزعه، قالت: فقطعه وسادتين، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يترفق عليهما.

وروى ابن أبي شيبة عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى فاطمة، فوجد على بابها سترا، فلم يدخل، قال: وقلّ ما كان يدخل إلا بدأ بها، فجاء عليّ فرآها معتمة فقال: إن فاطمة اشتد عليها أنك جئتها فلم تدخل عليها، فقال: «ما أنا والدنيا» ، أو «ما أنا الرّقم» ، فذهب عليّ إلى فاطمة، فأخبرها بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: قل لرسول الله صلى الله عليه وسلم:

تأمرني؟ قال: «قل لها فلترسل به إلى بني فلان» ، ورواه من طريق آخر، فقيل للحسن، وما كان ذلك الستر؟ قال: قرام عربي ثمنه أربعة دراهم، كانت تنشره في مؤخر البيت.

وروى البخاري وأبو داود عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يترك في بيته شيئا فيه تصاليب إلا هتكه، أو قال قصّه [ (١) ] .

وروى الإمام أحمد عنها قالت لامرأة عليها خمرق فيها صليب: انزعي هذا من ثوبك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رآه في ثوب قصه.

وروى الإمام أحمد والخمسة عنها قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلّم من سفر وقد سترت على بابي درنوكا، وفي لفظ نمطا فيه الخيل ذوات الأجنحة، فلما قدم ورأى النّمط عرفت الكراهة في وجهه فجذبه حتى هتكه أو قطعه، وقال: «إن الله لم يأمرنا أن نكسوا الحجارة والطين» ، قالت: فقطعنا منها وسادتين، وحشوتهما ليفا، فلم يعب ذلك عليّ [ (٢) ] .

ورواه الإمام أحمد، والبيهقي عن ثوبان رضي الله تعالى عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر آخر عهد بإنسان من أهله فاطمة، وأول من يدخل عليها إذا قدم فاطمة، فقدم من غزاة له فأتاها، فإذا هو بمسح على بابها، فرجع ولم يدخل عليها- الحديث، وتقدم بتمامه في باب زهده.

[تنبيه: في بيان غريب ما سبق:]

الدّرنوك: بدال مهملة مضمومة، فراء ساكنة فنون مضمومة، فواو، فكاف: ستر له خمل، وجمعه درانك، وفي رواية درموك، وهو على التعاقب.

النّمط: بنون، فميم مفتوحتين، فطاء مهملة: ضرب من البسط.


[ (١) ] أخرجه البخاري ١٠/ ٣٨٥ (٥٩٥٢) .
[ (٢) ] البخاري ١٠/ ٣٨٦ (٥٩٥٤) ومسلم ٣/ ١٦٦٦ (٢١٠٧) .