للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب الرابع في سيرته- صلّى الله عليه وسلم- في الأذان والإقامة، وما ورد انه أذن، وذكر مؤذنيه وما كان يقوله إذا سمع الأذان، والإقامة، وأدبه في ذلك

وفيه أنواع:

الأول: فيما ورد: أنه أذّن.

قال الحافظ وسعيد بن منصور- رحمهما الله تعالى- في «سننه» حدثنا أبو معاوية، حدثنا عبد الرحمن بن أبي بكر القرشي، عن ابن أبي مليكة- رحمه الله تعالى- قال: «أذّن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- مرة قال: حي على الفلاح» جزم النووي في «شرح المهذب [ (١) ] » بأنه- صلى الله عليه وسلم- أذن مرة، وتبعه ابن الرفعة والسبكي. قال شيخنا في شرح الترمذي من قال:

إنه- صلى الله عليه وسلّم- لم يباشر هذه العبادة بنفسه وألغز في ذلك: من قال سنّة أمر النبي- صلى الله عليه وسلم- بها ولم يفعلها فقد غفل» .

وروى الإمام أحمد، والترمذي- بسند- قال النووي في «شرح المهذب» وصححه- في الخلاصة عن يعلى بن مرة- رضي الله تعالى عنه- «أنهم كانوا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- في مسير، فانتهوا إلى مضيق، وحضرت الصلاة، فمطّرت السّماء من فوقهم، والبّلة من أسفل منهم، فأذّن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهو على راحلته، وأقام أو أقام فتقدّم على راحلته، فصلّى بهم يومئ إيماء، ويجعل السّجود أخفض» [ (٢) ] .

النوع الثاني: في مؤذنيه- صلى الله عليه وسلم.

قال في «زاد المعاد» كان له- صلى الله عليه وسلم- أربعة مؤذّنين، اثنان في المدينة: بلال بن رباح، وهو أول من أذن له، وعمرو بن أم مكتوم، القرشي، العامريّ الأعمى، وبقباء سعد القرظ مولى عمار بن ياسر، وبمكة أبو محذورة، واسمه أوس بن مغيرة الجمحي، وكان أبو محذورة يرجع الأذان، ويثني الإقامة، وبلال لا يرجع، ويفرد الإقامة، فأخذ الشافعي، وأهل مكة، بأذان أبي محذورة وإقامة بلال، وأخذ أبو حنيفة وأهل العراق بأذان بلال وإقامة أبي محذورة وأخذ أحمد، وأهل الحديث، وأهل المدينة، بأذان بلال وإقامته وخالفهم مالك في الموضعين، إعادة التكبير، وتثنية الإقامة، فإنه لا يكررها.


[ (١) ] النووي في شرح المهذب ٣/ ٨١.
[ (٢) ] أخرجه أحمد في المسند ٤/ ١٧٣ والترمذي ٢/ ٢٦٦ حديث (٤١١) وقال حديث غريب تفرد به عمر بن الرماح البلخي.