للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثاني: في بيان عدد عمره- صلّى الله عليه وسلّم-:

اعتمر رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- أربع عمر، كلهن في ذي القعدة.

الأولى: عمرة الحديبية وهي أولاهن سنة ست فصده المشركون عن البيت فنحر البدن حيث صد بالحديبية، وحلق هو وأصحابه رؤوسهم، وحلقوا من إحرامهم ورجع من عامه- صلى الله عليه وسلّم-.

الثانية: عمرة القضية من العام المقبل دخلها فأقام بها ثلاثا، ثم خرج بعد كمال عمرته.

الثالثة: عمرته- صلى الله عليه وسلّم- من الجعرّانة- لما خرج إلى حنين ثم رجع إلى مكة فاعتمر من الجعرّانة داخلا إلى مكة.

الرابعة: التي قرنها مع حجة الوداع.

ذكر أدلة بعض ما تقدم:

روى الإمام أحمد، والشيخان، عن عروة بن الزبير قال: «كنت أنا وابن عمر مستندين إلى حجرة عائشة- رضي الله تعالى عنها- وإنا لنسمع ضربها بالسّواك تستن، فقلت: يا أبا عبد الرحمن اعتمر رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- في رجب؟ قال: نعم. فقلت لعائشة: أي أمّتاه ألا تسمعين ما يقول أبو عبد الرحمن؟ قالت: وما يقول؟، قلت يقول: اعتمر رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- في رجب؟ فقالت: يغفر الله لأبي عبد الرحمن ما اعتمر في رجب وما اعتمر عمرة إلا وهو شاهده وما اعتمر في رجب قال: وابن عمر يسمع فما قال لا ولا نعم. سكت» [ (١) ] .

وروى الشيخان والدارقطني عن مجاهد بن جبر قال دخلت أنا وعروة المسجد فإذا ابن عمر جالس إلى جنب حجرة عائشة فسألناه كم اعتمر رسول الله- صلى الله عليه وسلّم-؟ قال أربعا إحداهن في رجب فكرهنا أن نرد عليه وسمعنا استنان عائشة أم المؤمنين في الحجرة فقال عروة: يا أم المؤمنين ألا تسمعين ما يقول أبو عبد الرحمن؟ قالت وما يقول؟ قال يقول: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- اعتمر أربع مرات إحداهن في رجب قالت رحم الله أبا عبد الرحمن ما اعتمر رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- إلا وهو معه، وما اعتمر في رجب قط [ (٢) ] .

وروى الإمام أحمد، والشيخان، وأبو داود، والترمذي، وابن سعد، عن أنس قال: «اعتمر رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- أربع عمر كلهن في ذي القعدة إلا التي مع حجته: عمرة من الحديبية أو


[ (١) ] انظر التخريج الآتي.
[ (٢) ] البخاري ٧/ ٥٨١ (٤٢٥٣، ٤٢٥٤) ومسلم ٢/ ٩١٧ (٢١٩، ٢٢٠/ ١٢٥٥) .