للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أعرفها كما أعرف (بعض) [ (١) ] أهلي ذهبت مني يوم زغابات فعوّضته ستّ بكرات، فظلّ ساخطا، لقد هممت أن لا أقبل هديّة إلا من قرشيّ أو أنصاريّ أو ثقفيّ أو دوسيّ وفي لفظ:

فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر يقول «يهدي أحدكم فأعوّضه بقدر ما عندي ثم يسخطه وأيم الله لا أقبل بعد عامي هذا هدية إلا من قرشي أو أنصاريّ أو ثقفي أو دوسي» ورواه أبو داود والنّسائيّ مختصرا [ (١) ] .

وروى أبو يعلى عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «لا أقبل هديّة من أعرابي»

فجاءته أم سنبلة الأعرابيّة، الحديث المتقدم أول الباب.

وروى الإمام أحمد والطبراني وابن أبي شيبة عن يعلى بن مرّة الثقفي- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل: «هب لي هذا البعير أو بعنيه» قال: هو لك يا رسول الله، فوسمه سمة الصّدقة ثم بعث به [ (٢) ] .

[تنبيهات]

الأول: عياض، بكسر العين المهملة وتخفيف المثناة التحتية وبضاد معجمة، ابن حمار، - بكسر الحاء المهملة وتخفيف الميم- في رده صلى الله عليه وسلم هديته مع قبوله لهدية غيره من الكفّار مخالفة، قال الخطّابي: يشبه أن يكون الحديث منسوخا، لأنّه قبل هدية غير واحد من المشركين، وأهدى له المقوقس مارية والبغلة وأهدى له البدر دومة فقبل منهما، فقيل إنما ردّ هديتّه، ليغيظه بردها، فيحمله على الإسلام وقيل: ردها لأن المهدى موضعا من القلب وقد روي. تهادوا تحابّوا، ولا يجوز عليه الصلاة والسلام- أن يميل بقلبه إلى مشرك فردها قطعا لسبب الميل وليس ذلك مخالفا لقبوله هديّة المقوقس والبدر ومارية ودومة ونحوهما، لأنهم أهل كتاب وليسوا بمشركين، وقد أبيح له طعام أهل الكتاب ونكاحهم، وذلك خلاف حكم أهل الشرك، وقال البيهقي: يحتمل ردّ هديته التّحريم ويحتمل قصد به التنزيه، والأخبار في قبول هداياهم أصحّ وأكثر، وقال الحافظ: جمع الطّبري بين هذه الأحاديث بأن الامتناع فيما أهدى له خاصة، والقبول فيما أهدي للمسلمين وفيه نظر، لأن جملة أدلة الجواز ما وقفت الهدية له خاصّة، وجمع غيره بأن الامتناع في حق من يريد بهديته والموالاة والقبول في حق من يرجى بذلك تأنيسه وتأليفه على الإسلام، وهذا أقوى من الأول، وقيل: يحمل القبول في حق من كان من أهل الكتاب والرّدّ علي من كان من أهل الأوثان، وقيل: يمتنع ذلك لغيره من


[ (١) ] أخرجه أبو داود ٣/ ٨٠٧ (٣٥٣٧) والترمذي ٥/ ٧٣٠ (٣٩٤٥) والنسائي ٦/ ٢٨٠ وابن حبان ذكره الهيثمي في الموارد (١١٤٥) وأحمد ٢/ ٢٩٢.
[ (٢) ] انظر المجمع ٤/ ١٥٦.