للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى الحكيم الترمذي عن أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من حدّث حديثا، فعطس فهو حقّ» .

[تنبيهات]

الأول: الظاهر أن اليهود كانوا يحمدون وإلا لما شمّتهم النبي صلى الله عليه وسلم.

الثاني: قال النوري: - رحمه الله تعالى- يستحب وضع اليد على الفم إذا حصل التثاؤب في الصلاة، أو خارجها، وإنما يكره للمصلي وضع يده على فمه إذا لم يكن حاجته لها كالتثاؤب ونحوه.

الثالث: قوله «فإن الشيطان يدخل» : قال الحافظ: يحتمل أن يراد به الدخول حقيقة، ويحتمل أن يراد بالدخول: التمكن منه.

الرابع: قال ابن بطال: إضافة التثاؤب إلى الشيطان بمعنى إضافة الرضى والإرادة أي: أن الشيطان يحبّ أن يرى الإنسان متثائبا، لأنها حالة تتغير فيها صورته، فيضحك منه إلا أن المراد أن الشيطان فعل التثاؤب.

وقال القاضي أبو بكر بن العربي: قد بيّنا أن كل فعل مكروه أضافه الشرع إلى الشيطان، لأنه واسطة، وأن كل فعل حسن نسبه الشرع إلى الملك، لأنه واسطة، قال: والتثاؤب من الامتلاء وينشأ عنه التكاسل، وذلك بواسطة الشيطان، والعطاس من تقليل الغذاء وينشأ عنه النّشاط، وذلك بواسطة الملك.

وقال النووي: - رحمه الله تعالى- أضيف التثاؤب إلى الشيطان، لأنه يدعو إلى الشّهوات إذ يكون عن ثقل البدن، واسترخائه وامتلائه، والمراد التحذير من السبب الذي يتولد عنه ذلك، وهو التوسع في المآكل.

قال العلماء: ومعنى «إن الله يحبّ العطاس» أن سببه محمود، وهو خفّة الجسم التي تكون لقلة الأخلاط وتخفيف الغذاء، وهو أمر مندوب إليه، لأنه يضعّف الشّهوة، ويسهّل الطاعة والتثاؤب بضد ذلك، وفي فتاوى شيخنا- رحمه الله تعالى- الجمع بين

قوله صلى الله عليه وسلم «العطاس في الصلاة والنعاس والتثاؤب من الشيطان» كما رواه الترمذي

وحديث

«إن الله يحبّ العطاس في الصلاة» رواه ابن أبي شيبة عن أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه- موقوفاً

بسند ضعيف بأن المقام مقامان مقام إطلاق ومقام نسبي، فأما مقام الإطلاق، فإن التثاؤب والعطاس في الصلاة كلاهما من الشيطان، وعليه يحمل حديث الترمذي الأول، وأما المقام النسبي، فإذا وقعا في الصلاة مع كونهما من الشيطان فالعطاس أحبّ إلى الله تعالى من التّثاؤب، والتثاؤب