للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخرج أيضا بأمن المعارضة، السحر المقرون بالتّحدّي، فإنّه تمكن معارضته بمثله من المرسل إليهم.

[الرابع:]

أن تقع عليّ وفق دعوى المتحدي بها، فلو قال مدعي الرسالة آية نبوتي أن تنطق يدي أو هذه الدابة، فنطقت يده أو الدابة بكذبه، فقالت: كذب وليس هو نبي، فإن الكلام الذي خلقه الله- عز وجل- دالّ على كذب ذلك المدّعي، لأن ما فعله الله تعالى لم يقع على وفق دعوى المدّعي كما روي أن مسلمة الكذاب لعنه الله تعالى، تفل في بئر ليكثر ماؤها فغارت، وذهب ما فيها من الماء.

فمتى اختل شرط من هذه الشروط لم تكن معجزة، ولا يقال: قضية ما قلتم أنّ ما توفرت فيه الشروط الأربعة من المعجزات، لا يظهر إلا على أيدي العارفين، وليس كذلك أن المسيخ الدجّال يظهر على يديه من الآيات العظام ما هو مشهور كما وردت به الأخبار الصحيحة، لأن ما ذكره فيمن يدعي الرسالة، وهذا يدعي الربوبية وقد قام الدليل العقلي على أن بعثته بعض الخلق غير مستحيل، فلم يبعد أن يقيم الله- عز وجل- الأدلة على صدق مخلوق أتى عنه بالشرع والملة ودلت القواطع على كذب المسيخ الدجال فيما يدعيه للتغير من حال إلى حال، وغير ذلك من الأوصاف التي تليق بالمحدثات، ويتعالى عنها ربّ البريات- سبحانه وتعالى- وها هنا فصول من كلام القاضي- رحمه الله تعالى-.

[الفصل الأول ويؤخر هذا عنه الفصل الثاني.]

قال القاضي- رحمه الله تعالى-: أعلم أن الله- عز وجل- قادر على خلق المعرفة في قلوب عباده، والعلم بذاته أي كونها موجودة وأسمائه الحسنى الدالة على أحسن المعاني، وصفاته وجميع تكليفاته التي ألزمها عباده، فيعلمون أن لهم ربا موجودا ذا أسماء وصفة كمال ابتداء دون واسطة، لو شاء خلق ذلك فيهم ابتداء بلا مرشد إليه ومبين لهم إياه كما حكي عن سنة بعض الأنبياء إذ خلق فيهم ذلك إلهاما أو إلقاء في الرّوع أو رؤيا، كما رأى إبراهيم مناما يذبح ولده ورؤياهم وحي وذكره بعض أهل التفسير في قوله تعالى وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ [الشورى ٥١] أي وحي إلهام أو رؤيا بشهادة وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ أي يلقيه في قلبها دون واسطة وكما هو تعالى قادر على خلق ما ذكر في قلوبهم ابتداء بدون واسطة جائز أن يوصل إليهم جميع ذلك بواسطة تبلّغهم ما أمر بتبليغه إليهم مما يدل على ذلك من كلام يهدى إليه، ويكون ذلك الواسطة، إما بغير البشر كالملائكة مع الأنبياء- عليهم السلام- يوحون إليهم ما أرسلوا به أو من جنسهم كالأنبياء مع الأمم ينبئونهم ما أنزل إليهم، ولا مانع لهذا الذي ذكر يمنع وصوله إلى عباده بواحدة من حالتي