للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب التاسع في تكثيره صلى الله عليه وسلّم طعام جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما

روى الإمام أحمد والبخاري والإسماعيليّ والبيهقي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كنا يوم الخندق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرضت كدية شديدة فجاؤوا النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: هذه كدية من الجبل عرضت فقال: «أنا نازل» ثم قام وبطنه معصوب بحجر ولبثنا ثلاثة أيام لا نذوق ذواقا فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم المعول فضرب فعادت كثيبا مهيلا. فقلت: يا رسول الله، ائذن لي إلى البيت، فأذن لي فقلت لامرأتي: إني رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم خمصا شديدا ما في ذلك صبر فعندك شيء؟ فأخرجت لي جرابا فيه صاع من شعير ولنا عناق فذبحتها وطحنت ففرغت إلى فراغي وقطعتها في برمتها والعجين قد انكسر والبرمة بين الأثافي قد كادت أن تنضج ثم وليت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: لا تفضحني برسول الله صلى الله عليه وسلم وبمن معه، فجئته فساررته فقلت: اطعم لي فقم أنت يا رسول الله ورجل أو رجلان قال: «كم هو؟» فذكرت له، قال: «كثير طيب» ، قل لها: لا تنزع البرمة والخبز من التّنّور حتى آتيكم واستعر صحافا» ثم صاح رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا أهل الخندق إن جابرا صنع لكم سؤرا فحيهلا بكم» ، فلقيت من الحياء ما لا يعلمه إلّا الله عز وجل فجئت وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم الناس حتى جئت امرأتي فقلت: ويحك جاء النبي صلى الله عليه وسلم بالمهاجرين والأنصار ومن معهم فقالت: هل سألك؟ قلت: نعم، فقالت: الله ورسوله أعلم، قال: فكشفت عنّي غمّا شديدا، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «ادخلوا ولا تضاغطوا فأخرجت له عجينا فبصق فيه وبارك ثم عمد إلى برمتنا فبصق فيها وبارك ثم قال: «يا جابر، ادع خبازة فلتخبز معك واقدح من برمتكم ولا تنزلوها» وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يبرد ويغرف اللحم ويخمر هذا ويخمر هذا فما زال يقرب إلى الناس حتى شبعوا أجمعين ويعود التنور والقدر أملأ ما كانا فكلما فرغ قوم جاء قوم حتى صدر أهل الخندق وهم ألف حتى تركوه، وانحرفوا وإن برمتنا لتغطّ كما هي، وإن عجيننا ليختبز كما هو ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلي وأهدي فإن الناس أصابتهم مجاعة» فلم نزل نأكل ونهدي يومنا [ (١) ] .

[تنبيهان]

الأول: وقوله «وهم ألف» كذا في الصحيح وفي غيره تسعمائة أو ثمانمائة أو ثلاثمائة، قال الحافظ والحكم الزائد لمزيد علمه ولأن القصة متحدة.


[ (١) ] أخرجه البخاري ٧/ ٣٩٥ والبغوي في الشرح ١٤/ ٥ وابن كثير في البداية ٤/ ٩٧.