للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أصبحت شوّلاً [ (١) ] عجافاً وأمست ... ما بها شائلٌ ولا عجفاء

أخصب العيش عندها بعد محل ... إذ غدا للنبيّ منها غذاء

يا لها منّة لقد ضوعف الأج ... ر عليها من جنسها والجزاء

حيث أنبتت سنابل والضّع ... ف لديه يستشرف الضّعفاء

وإذا سخّر الإله أناساً ... لسعيدٍ فإنّهم سعداء

وأتت جدّه وقد فصلته ... وبها من فصاله البرحاء

إذ أحاطت به ملائكة اللّ ... هـ فظنّت بأنّهم قرناء

ورأى وجدها به ومن الوج ... د لهيبٌ تصلى به الأحشاء

فارقته كرهاً وكان لديها ... ثاوياً لا يملّ منه الثّواء

شقّ عن صدره وأخرج منه ... مضغةً عند غسله سوداء

ختمته يمنى الأمين وقد أو ... دع ما لم يذع له أنباء

صان أسراره الختام فلا ال ... فضّ ملمٌّ به ولا الإفضاء

ألف النّسك والعبادة وال ... خلوة طفلاً وهكذا النجباء

وإذا حلّت الهداية قلباً ... نشطت في العبادة الأعضاء

[تنبيهات]

الأول: قال بعض العلماء: المراد بالوزن في قوله: «زنه بعشرة» إلى آخره: الوزن الاعتباري. فيكون المراد بالرّجحان [الرجحان] في الفضل وهو كذلك. وفائدة فعل الملكين ذلك ليعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك حتى يخبر به غيره ويعتقده، إذ هو من الأمور الاعتقادية.

وسألت شيخنا شيخ الإسلام برهان الدين بن يوسف- رحمه الله تعالى- عن ذلك فكتب لي بخطه: هذا الحديث يقتضي أن المعاني جعلها الله تعالى ذواتا، فعند ذلك قال الملك لصاحبه: أجعله في كفة وأجعل ألفا من أمته في كفة. ففعل فرجح ما له صلى الله عليه وسلم رجحانا طاش معه ما للألف بحيث يخيل للرائي أنه يسقط عليه بعضهم. ولما عرف الملكان منه الرجحان وأنه معنى لو اجتمعت المعاني كلها التي للأمة ووضعت في كفة ووضع ماله صلى الله عليه وسلم في كفة لرجح على الأمة قالا: لو أن أمته وزنت به صلى الله عليه وسلم مال بهم لأن مآثر خير الخلق وما وهبه الله تعالى له من الفضائل يستحيل أن يساويها غيرها. انتهى.


[ (١) ] شوّلت الناقة: لحقت بطونها بظهورها من الجوع والهزال، الوسيط ١/ ٥٠١.