للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الباب التاسع عشر في إخباره صلى الله عليه وسلم بالشهادة لثابت بن قيس بن شماس رضي الله تعالى عنه]

روى الطبراني من طرق جيدة الإسناد أن ثابت بن قيس رضي الله عنه لما أنزل الله تبارك وتعالى على رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ [لقمان ١٨] وقوله تعالى لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ [الحجرات ٢] وقوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ [الحجرات ٤] اشتد على ثابت، وأغلق بابه عليه، وطفق يبكي، فمر به عاصم بن عدي رضي الله عنه فقال: ما يبكيك؟ فأخبره بحاله، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل إليه فسأله، فقال: يا رسول الله، والله لقد خشيت أن أكون هلكت، قال: «لم؟» قلت: نهى الله عن الخيلاء وأجدني أحب الجمال، ونهى الله تعالى أن نرفع أصواتنا فوق صوتك وأنا امرؤ جهير الصوت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا ثابت أما ترضى أن تعيش حميدا، وتقتل شهيدا، وتدخل الجنة؟» قال: رضيت بشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم

فلما استنفر أبو بكر رضي الله عنه المسلمين إلى قتال أهل الردة واليمامة ومسيلمة الكذاب سار ثابت بن قيس فيمن سار، فلقوا مسيلمة وبني حنيفة، وهزموا المسلمين ثلاث مرات، فقال ثابت وسالم مولى أبي حذيفة: ما هكذا كنا نقاتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلا لأنفسهما حفرة فدخلا فيها فقاتلا حتى قتلا.

ورأى رجل من المسلمين ثابت بن قيس في منامه فقال: إني لما قتلت بالأمس مر بي رجل من المسلمين فانتزع مني درعا نفيسة، ومنزله في أقصى العسكر، وعند منزله فرس يستن من طوله، وقد أكفأ على الدرع برمة، وجعل فوق البرمة رحلا فأت خالد بن الوليد فليبعث إلى درعي، فليأخذها، فإذا قدمت على خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعلمه أن علي من الدين كذا وكذا ولي من المال كذا وكذا وفلان من رقيقي عتيق، وإياك أن تقول: هذا حلم فتضيعه، فأتى خالد بن الوليد فأخبره فوجه إلى الدرع فوجدها كما ذكر، وقدم على أبي بكر فأنفذ أبو بكر رضي الله عنه وصيته بعد موته، فلا نعلم أن أحدا جازت وصيته بعد موته إلا ثابت بن قيس.

وروى الطبراني برجال الصحيح (وهو في الصحيح) بدون قصة الدرع عن أنس رضي الله عنه أن ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه جاء يوم اليمامة وقد نشر أكفانه وتحنط ثم قال:

اللهم، إني أبرأ إليك مما جاء به هؤلاء وأعتذر إليك مما صنع هؤلاء، فقتل، وكانت له درع فسرقت فرآه رجل فيما يرى النائم، فقال: إن درعي في قدر تحت الكانون في مكان كذا وكذا