للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال شيخ الإسلام البلقيني: وهي حالة يؤخذ فيها عن حال الدنيا من غير موت، فهو مقام برزخي يحصل له عند تلقي الوحي، فلما كان البرزخ العام، ينكشف فيه للميت كثير من الأحوال، خص الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم ببرزخ في الحياة، يلقي الله تعالى فيه وحيه المشتمل على كثير من الأسرار. وقد يقع لكثير من الصلحاء عند الغيبة بالنوم، أو غيره اطلاع على كثير من الأسرار، وذلك مستمد من المقام النبوي، ويشهد لذلك «رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة» .

[التاسعة والعشرون:]

وبوجوب الركعتين عليه بعد العصر قاله رزين.

[الثلاثون:]

وبأن جميع نوافله صلى الله عليه وسلم كانت فرضا، لأن النفل إنما هو للجبر، ولا نقص في صلاته حتى يجبر. قاله رزين.

قلت: وهذا الذي قاله رزين ليس بشيء، ولا يلزم من عدم وقوع نقص في صلواته الخمس أن يكون ما عداها من الصلوات فرضا، بل ذلك نافلة ليس إلا.

ويدل لذلك ما رواه الإمام أحمد وابن جرير والطبراني عن أبي أمامة (رضي الله عنه) في قوله- تبارك وتعالى-: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ [الإسراء/ ٧٩] ، قال: كانت للنبي صلى الله عليه وسلم نافلة، ولكم فضيلة.

وفي لفظ: إنما كانت النافلة لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة.

وروى الطيالسي والطبراني بسند جيد عنه أنه قال: «إذا توضأ الرجل المسلم فأحسن الوضوء، فإن قعد قعد مغفورا له، وإن قام يصلي كانت له فضيلة، قيل: له نافلة؟ فقال: إنما النافلة للنبي صلى الله عليه وسلم كيف يكون نافلة وهو يسعى في الخطايا والذنوب؟ ولكن فضيلة» .

وروى ابن جرير وابن المنذر في تفسيريهما، والبيهقي في «الدلائل» عن مجاهد (رضي الله عنه) في الآية قال: لم تكن النافلة لأحد إلا للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة، من أجل أنه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فما عمل من عمل مع المكتوب، فهو له نافلة سوى المكتوب، من أجل أنه لا يعمل ذلك من كفارة الذنوب فهي نوافل له وزيادة، والناس يعملون ما سوى المكتوب في كفارة ذنوبهم، فليس للناس نوافل، إنما هي للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة.

وروى ابن أبي حاتم عن قتادة نحوه.

وروى ابن المنذر وغيره عن الحسن قال: ليس لأحد نافلة إلى للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة.

ولأن فرائضه كانت للزيادة وأما غيره، فلا يخلو عن نقص، فنوافله تكمل فرائضه.