للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الثالثة عشرة:]

وبأنه كانت تحل المرأة له بتزويج الله تبارك وتعالى كما في قصة زينب، قال الله- سبحانه وتعالى- زَوَّجْناكَها يعني صارت زوجة لك، وأما قوله: إنه نكحها بنفسه وتأويله الآية بإحلال النكاح فهو مردود لما ثبت في صحيح مسلم من حديث أنس في قصة خطبتها، وإن زيدا قال لها: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرك فقالت: ما أنا بصانعة شيئا حتى أؤامر ربي، فقامت إلى مسجدها ونزل القرآن، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل عليها بغير إذن، وما في صحيح البخاري من قول عائشة وأنس- رضي الله تعالى عنهما- كانت تفخر على نساء النبي صلى الله عليه وسلم وتقول: «زوجكن أهاليكن، وزوجني الله من فوق سبع سموات، وما ذكره من التأويل لا يصح لمعارضة الأحاديث.

[الرابعة عشرة:]

وبجعل عتق أمته صداقها.

روى الشيخان عن أنس (رضي الله عنه) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتق صفية وجعل عتقها صداقها.

وروى البيهقي عن أنس- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتق صفية وتزوجها فسئل ما أصدقها؟ قال: «نفسها» أي أنه اعتقها بلا عوض، وتزوجها بلا مهر، لا في الحال ولا فيما بعده

كما صححه ابن الصلاح والنووي في الرّوضة، وقال: إنه اختيار المحققين، وقطع به البيهقي. قال ابن الصلاح: فيكون معنى قوله «وجعل عتقها صداقها» أنه لم يجعل لها شيئا غير العتق

يحل محل الصداق، وإن لم يكن صداقا، وهو من قبيل قولهم: «الفقر زاد من لا زاد له» .

وذهب الإمامان أحمد وإسحاق إلى عدم الخصوصية في ذلك، واختاره الشيخ، وقال ابن حبان: فعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقم دليل على أنه خاصّ به دون أمته، فيباح لهم ذلك لعدم وجود تخصيصه فيه.

[الخامسة عشرة:]

قيل: وبأن له أن يجمع بين الأختين والأم والبنت في وجه حكاه الحناطي، قال القاضي جلال الدين: وهذا لا يحل حكاية لفساده، لأن النبي صلى الله عليه وسلم صرح بتحريم الجمع بين الأختين عليه، وبتحريم نكاح بنت الزوجة المدخول بها.

فروى الشيخان عن أم حبيبة- رضي الله تعالى عنها- أنها قالت: يا رسول الله، انكح أختي عزة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أو تحبّين ذلك؟» قالت: نعم، يا رسول الله، لست لك بمخلية، وأحب من شاركني في خير أختي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن ذلك لا يحل لي» ، قلت: يا رسول الله، فإنا نتحدث أنك تريد أن تنكح درة بنت أبي سلمة، قال: «بنت أم سلمة؟» قلت: نعم، قال: «إنها لو لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي، إنها لابنة أخي من الرضاعة، أرضعتني وأبا سلمة ثويبة، فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن» .