للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبذلك جزم القاضي الحسين في فتاويه، ونقل القاضي عياض الإجماع عليه.

قال النووي- رحمه الله تعالى- أما إذا رآه يأمره بفعل ما هو مندوب إليه أو ينهاه عن منهي عنه أو يرشده إلى فعل مصلحة فلا خلاف في استحباب العمل به على وقفة، لأن ذلك ليس حكما بمجرد المنام بل ما تقرر من أصل ذلك.

فائدة: نقل الزركشي عن الشيخ عز الدين بن خطيب الأشموني قال: أخبرني والدي أن إنسانا رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وقال له إذهب إلى موضع كذا وخذ منه ما فيه من ركاز ولا خمس عليك فيه وأنه توجه إليه فوجده كما أخبره النبي صلى الله عليه وسلم وأنه استفتى الفقهاء بدمشق فكلهم أفتاه بعدم الوجوب، وقالوا قد ظهرت دلائل صدق الرؤيا والشيطان ممنوع من التمثيل بالنبي صلى الله عليه وسلم قال وأفتاه شيخنا الشيخ عز الدين بن عبد السلام بوجوب الخمس عليه، واستدل على ذلك بأن طريق رفع القواعد النسخ فلا نسخ بعد انقطاع الوحي بموته صلى الله عليه وسلم قال ثم إني حكيت هذه الحكاية لشيخنا الشيخ تقي الدين القشيري بن دقيق العيد فصدق روايتها وزاد على ذلك أن الشيخ عز الدين إنما كان يرى ذلك من باب الترجيح على تقدير صدق المنام قال وأظن أنه أراد الترجيح أن رواية الجمهور وجوب الخمس أيضاً ورواية هذا شاذة في منام انتهى.

[السابعة والعشرون:]

وبأنه صلى الله عليه وسلم كان لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.

روى الشيخان عن صفوان بن يعلى بن أمية أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم متضمخا بالطيب فقال: يا رسول الله كيف ترى في رجل أحرم في جبة بعد ما تضمخ بطيب، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة فجاءه الوحي ثم سري عنه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم «أين الذي سأل عن العمرة آنفا» فالتمس الرجل فأتى به فقال «أما الطيب الذي بك فاغسله ثلاث مرات وأما الجبة فانزعها ثم اصنع في عمرتك كما تصنع في حجتك» .

روى البيهقي عن ابن عمر- رضي الله عنه- سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي البقاع خير قال: لا أدري، قال أبي البقاع شر قال لا أدري فأتاه جبريل فقال «يا جبريل أي البقاع خير وأي البقاع شر؟» قال لا أدري قال «سل ربك» فانتفض جبريل انتفاضة كاد النبي صلى الله عليه وسلم يصعق منها فقال: ما أسأله عن شيء فقال الله- عز وجل- لجبريل: سألك محمد أي البقاع خير فقلت: له لا أدري فأي البقاع شر فقلت: لا أدري فأخبره أن خير البقاع المساجد وأن شر البقاع الأسواق.

[الثامنة والعشرون:]

وبزيادة الوعك عليه لزيادة الأجر له صلى الله عليه وسلم وسيأتي بيان ذلك في الوفاة.

[التاسعة والعشرون:]

وبأن إبطه لم يعهد له شعر ولم يكن له رائحة كريهة لما تقدم في باب صفاته الحسية صلى الله عليه وسلم.