للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب التاسع في بعض مناقب عبيد الله بن عباس- رضي الله تعالى عنه-

وفيه أنواع

الأول: في مولده واسمه وكنيته- رضي الله تعالى عنه-

كان أصغر من أخيه عبد الله بسنة.

[الثاني: في كرمه وجوده.]

كان كريما جميلا وسيما يشبه أباه في الجمال، وكان سمحا جوادا محمودا مقصدا للوافدين عليه، وكان يقول: لولا لذة العطاء ما ألبست [ (١) ] المحامد، وجاءه في يوم ستة آلاف، ففرق الجميع في يومه ذلك، وكان يذبح في كل يوم جزورا ويطعمه الناس، فكان أهل المدينة يتغدون ويتعشون عنده، وهو أول من وضع الموائد على (الطريق) [ (٢) ] .

روي أنه نزل في منزله على خيمة رجل من العرب، فلما رآه الأعرابي أعظمه وأجله لما رأى من حسنه وشكله فقال لامرأته: ويحك ما عندك لضيفنا غدا، فقالت: ليس عندنا إلا الشويهة التي حياة ابنتك على لبنها فقال: إنه لا بد من ذبحها، قالت: أتقتل ابنتك؟ قال: وإن كان ذاك، وأخذ الشفرة والشاة، وجعل يذبحها ويسلخها ويقول مرتجزا:

يا جارتي لا توقظي البنيّة ... إن توقظيها تنتحب عليّه

وتنزع الشّفرة من يديّه

ثم هيأها طعاما وحملها، فوضعها بين يديّ عبيد الله ومولاه فعشاهما، وكان عبيد الله سمع محاورتهما في الشاة، فلما أراد الارتحال، قال لمولاه: ويحك، ما معك من المال؟ قال خمسائة دينار فضلت من نفقتك، فقال: ويحك، ادفعها للأعرابي، وعرفه أنه ليس معنا غيرها، فقال له مولاه: سبحان الله تعطيه خمسمائة دينار وإنما دفع لنا شاة تساوي خمسة دراهم!! فقال:

ويحك، والله لهو أسخى منا وأجود، إنما أعطيناه بعض ما نملك وجاد هو علينا، وآثرنا على مهجة نفسه وولده بجميع ما يملك.

روي له حديث واحد في مسند الإمام أحمد.

وروى الطبراني برجال الصحيح إلا أن حبيبا لم يسمع من أبي أيوب عن حبيب بن أبي


[ (١) ] ارى- اكتسب.
[ (٢) ] في أالطرق.