للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل: لما انقبضت النبوة وتمت كان كالخاتم الذي يختم به الكتاب عند الفراغ. وأما الخاتم بالكسر فمعناه آخر الأنبياء فهو اسم فاعل من قولك ختمت الشيء أي أتممته وبلغت آخره.

خاتم النبيين: قال تعالى: ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ وتقدم في حديث نافع بن جبير في الباب الثاني.

وروى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وأكمله إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون ويقولون هلا وضعت هذه اللبنة؟ فأنا تلك اللبنة وأنا خاتم النبيين»

[ (١) ] .

وسيأتي الكلام على هذا الحديث في باب: مثله ومثل الأنبياء من قبله في أبواب بعثته وفي الخصائص.

وذكر العلماء في حكمة كونه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين أوجهاً:

منها: أن يكون الختم بالرحمة.

ومنها: أن الله تعالى أراد أن لا يطول مكث أمته تحت الأرض إكراماً له.

ومنها: أنّا اطلعنا على أحوال الأمم الماضية، فجعلت أمته آخر الأمم لئلا يطلع أحد على أحوالهم تكريماً له.

ومنها: إنه لو كان بعده نبي لكان ناسخاً لشريعته. ومن شرفه أن تكون شريعته ناسخة لكل الشرائع غير منسوخة. ولهذا إذا نزل عيسى صلى الله عليه وسلم فإنما يحكم بشريعة نبينا صلى الله عليه وسلم لا بشريعته، لأنها قد نسخت كما سيأتي بيان ذلك في الخصائص.

ومن هنا يعلم أن معنى كونه لا نبي بعده أي لا نبيّ يبعث أو ينبأ أو يخلق وإن كان عيسى موجوداً بعده

«الخازن لمال الله» :

أخذه «د» من

حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والله ما آتيكم من شيء ولا أمنعكم منه إن أنا إلا خازن أضع حيث أمرت» .

رواه الإمام أحمد وغيره.


[ (١) ] أخرجه البخاري ٥/ ٢٤، كتاب المناقب (٣٥٣٤) . ومسلم ٤/ ١٧٩١، كتاب الفضائل (٢٢- ٢٢٨٦) .