للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[جماع أبواب بعض الحوادث الكائنة بالمدينة الشريفة في سني الهجرة غير ما تقدم]

[باب مبدأ التاريخ الإسلامي وأسقطت ذكر بقية الأبواب لكثرتها،]

وفيه أنواع

[الأول: في بيان من ابتدأ بالتأريخ.]

روى الحاكم في «الإكليل» عن ابن شهاب الزهري- رحمه الله تعالى-، قال: لما قدم النبي- صلى الله عليه وسلم- المدينة أمر بالتاريخ فكتب في ربيع الأول [ (١) ] .

قال الحافظ- رحمه الله تعالى-: هذا معضل [ (٢) ] ، والمشهور خلافه.

قلت: وهذا القول قدمه في الإشارة، ورواه يعقوب بن سفيان- بلفظ- «التّأريخ من يوم قدم النبي- صلى الله عليه وسلم- المدينة مهاجرا» قال الحافظ، وابن عساكر: وهذا أصوب، والمحفوظ أن الآمر بالتاريخ عمر بن الخطاب [ (٣) ] .

قال الشيخ- رحمه الله تعالى- في كتاب «التاريخ» : ويعضد الأول ما رأيته بخط ابن القماح في مجموع له، قال ابن الصلاح: وقفت على كتاب في «الشروط» لأبي طاهر محمش الزيادي ذكر فيه أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ارّخ بالهجرة حين كتب لنصارى نجران، وأمر عليا- رضي الله تعالى عنه- أن يكتب فيه لخمس من الهجرة، فالمؤرخ إذن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وعمر تبعه في ذلك.

وقد يقال: إن هذا صريح في أنه أرخ سنة خمس، والحديث الأول فيه أنه أرخ يوم


[ (١) ] وأخرجه الطبري في التاريخ ٢/ ٣٨٨.
[ (٢) ] والمعضل ما سقط منه اثنان فصاعدا مع التوالي، قال السمني وخصه التبريزي هو والمنقطع بما ليس في أول الإسناد وقال شيخ الإسلام ابن حجر: إن الموقوف على التابعي يعتبر معضلا بشرطين.
أحدهما: أن يكون مما يجوز نسبته إلى غير النبي- صلى الله عليه وسلم-، فإن لم يكن فمرسلا أي إن كان لا يقال من قبل الرأي، ولا يروى عن أهل الكتاب، فيتعين أن يكون عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، فيكون الساقط منه الصحابي فقط، فيكون مرسلا، لأنه في هذه الحالة يكون في حكم المرفوع.
ثانيهما: أن يروى مسندا من طريق ذلك الذي وقف عليه، فإن لم يكن موقوفا لا معضل لاحتمال أنه قاله من عنده، فلم يتحقق شرط التسمية من سقوط اثنين أهـ.
قال العراقي:
والمعضل الساقط منه اثنان ... فصاعدا، ومنه قسم ثان
حذف النبي والصحابي معا ... ووقف متنه على من تبعا
انظر غيث المستغيث ص ٧٤.
[ (٣) ] الطبري ٢/ ٣٨٨.