للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكرام، ولما ذكر نبيّنا مع الخليل- صلى الله عليه وسلم- ذكر الخليل باسمه، وذكر الحبيب بلقبه فقال:

إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ [آل عمران ٦٨] فكل موضع سمّاه باسمه إنما هو لمصلحة تقتضي ذلك فافهمه.

ومنها أن الأولى قد يكون الألف واللام فيه للغلبة، كالمدينة، فكأنه المعروف الحقيقي به، المقدم على سائر الأنبياء- صلى الله عليه وسلم-.

ومنها أن صلاة جميع الملائكة عليه مما خصه الله تعالى به دون سائر الأنبياء والمرسلين.

[تنبيه:]

قد كثر السؤال عن الحكمة في تأكيد التسليم بالمصدر دون الصلاة، وأجاب الفاكهاني بما حاصله: أن الصلاة مؤكدة معنى صلاة الله وملائكته ولا كذلك السلام، فحسن تأكيده لفظا إذ ليس ثمّ ما يقوم مقامه.

وأجاب الحافظ بجواب آخر محصله: أنه لما وقع تقديم الصلاة على السلام في اللفظ، وكان للتقديم مزية في الاهتمام، وحسن أن يكون السلام لتأخر مرتبته في الذّكر، لئلا يتوهم قلّة الاهتمام، لتأخره، والعلم عند الله.

ومنها: الكلام على إعرابها فقد اختلف في نصب «الملائكة» وبه قرأ العشرة وبرفعه قرأ ابن عباس وهي رواية شاذّة عن أبي عمرو فنصبه بالعطف على اسم «إنّ» وهو الاسم الكريم والرفع على محل اسم «إنّ» على مذهب الكوفيين وعلى أنه مبتدأ محذوف الخبر عند البصريين أي وملائكته يصلون بدل عليه يصلون المذكور، ولا يضر كون المبتدأ مفردا والخبر جميعا، لأن الخبر قد يقع جمعا للتعظيم كما ذكره بعضهم، ولا خفاء في أن حرف النداء قد أناب مناب أدعو، وأيّ منادى مفرد مبني على الضم خلافا للكسائي في أن ضمته ضمة إعراب أتي به وصلة لنداء ما، فيه «ألى» محله نصب، وهو اسم مبهم مفتقر إلى ما يزيل إبهامه فلا بد أن يردفه اسم جنس أو ما يجري مجراه كاسم الإشارة يتصف به حتى يصحّ المقصود بالنداء فالذي يعمل فيه والذي صفة له لا ينفك عنها لعدم استقلاله بنفسه.

ومنها: السّبب في نزولها.

روى عن كعب بن عجرة قال: قيل: يا رسول الله، قد عرفنا السلام عليك، فكيف نصلي؟ فنزلت.

ومنها: وجه مناسبتها لما قبلها: أنه تعالى لمّا ذكر حقوقه- صلى الله عليه وسلم- مما خصّه به دون أمته من حل نكاح من تهب نفسها وتعظيمه وتوقيره وتحريم نكاح أزواجه على الأمة بعده، ورفع