للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الباب الخامس في وفاة عبد المطلب ووصيته لأبي طالب برسول الله صلى الله عليه وسلم وما ظهر في ذلك من الآيات]

اختلف في سن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حين مات جده فقيل: وله ثمان سنين وقدمه في الإشارة. وقيل بزيادة شهر وعشرة أيام. وقيل تسع وقيل عشر وقيل ست.

ولعبد المطلب عشر ومائة سنة. وقدمه في الإشارة. وقيل اثنتان وثمانون سنة ويقال بلغ مائة وأربعة وأربعين سنة. ويقال خمسا وتسعين سنة. ويقال مائة وعشرين.

قال الواقدي: وليس ذلك بثبت.

وروى محمد بن عمر الأسلمي عن أم أيمن أنها حدثت أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يبكي خلف سرير عبد المطلب وهو ابن ثمان سنين ودفن بالحجون.

وروى ابن سعد عن الواقدي عن شيوخه أنه قيل لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أتذكر موت عبد المطلب؟ قال: نعم أنا يومئذ ابن ثمان سنين.

قال ابن إسحاق وغيره: ولما حضرت عبد المطلب الوفاة أوصى أبا طالب بحفظ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وحياطته والقيام عليه، وأوصى به إلى أبي طالب، لأن عبد الله وأبا طالب كانا لأم واحدة، فلما مات عبد المطلب كان أبو طالب هو الذي يلي أمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعد جده.

وروى ابن سعد والحسن بن عرفة وابن عساكر عن ابن عباس وغيره قالوا: لما توفي عبد المطلب قبض أبو طالب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فكان يكون معه، وكان يحبه حبا شديدا لا يحبه ولده وكان لا ينام إلا إلى جنبه وصب به صبابة لم يصب مثلها قط، وكان يخصه بالطعام وكان عيال أبي طالب إذا أكلوا جميعا أو فرادى لم يشبعوا وإذا أكل معهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم شبعوا. وكان أبو طالب إذا أراد أن يغديهم أو يعشيهم يقول: كما أنتم حتى يحضر ابني. فيأتي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فيأكل معهم فيفضلون من طعامهم، وإن لم يكن معهم لم يشبعهم، وإن كان لبنا شرب أولهم ثم يتناول العيال القعب فيشربون منه فيروون عن آخرهم من القعب الواحد، وإن كان أحدهم ليشرب قعباً وحده فيقول أبو طالب: إنك لمبارك. وكان الصبيان يصيحون رمصاً شعثاً ويصبح رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم دهينا كحيلا.

وروى أبو نعيم عن أم أيمن قالت: ما رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم شكا جوعا ولا عطشا لا في كبره ولا في صغره، وكان يغدو إذا أصبح فيشرب من ماء زمزم شربة فربما عرضنا عليه الغداء فيقول: أنا شبعان.