للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي حديث ابن الصامت فقال أبو بكر: يا رسول اللَّه ايذن لي في طعامه الليلة. فانطلق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وانطلقت معهما، ففتح أبو بكر بابا فجعل يقبض لنا من زبيب الطائف وكان ذلك أول طعام أكلت بها. ثم أتيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: إني وجّهت لي أرض ذات نخل ولا أراها إلا يثرب فهل أنت مبلّغ عني قومك عسى اللَّه أن ينفعهم بك ويأجرك فيهم؟

قال: فأتيت أنيسا فقال ما صنعت؟ قلت: قد أسلمت وصدّقت. فقال: ما لي رغبة عن دينك فإني قد أسلمت وصدقت. فأتينا أمّنا فقالت: ما بي رغبة عن دينكما فإني قد أسلمت وصدقت، فاحتملنا حتى أتينا قومنا غفارا فأسلم نصفهم وقال نصفهم: إذا قدم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلّم المدينة أسلمنا. فقدم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المدينة وأسلم نصفهم الباقي وجاءت أسلم فقالوا: يا رسول اللَّه إخواننا نسلم على الذي أسلموا عليه. فأسلموا. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلّم: «غفار غفر اللَّه لها وأسلم سالمها اللَّه» .

[تنبيهات]

الأول: قال الحافظ: قول أبي ذرّ لأخيه: ما شفيتني مغاير في الظاهر لما في حديث ابن الصامت. ويمكن الجمع بأنه أراد منه أن يأتيه بتفاصيل من كلامه وأخباره فلم يأته إلا بمجمل.

وفي حديث ابن عباس أن لقياه لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان بدلالة عليّ، وفي حديث ابن الصامت أن أبا ذر لقي النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر في الطواف بالليل، كما هو مذكور في القصة، وأكثره يغاير ما في حديث ابن عباس هذا عن أبي ذر، ويمكن التوافق بينهما بأنه لقيه أولا مع علي ثم لقيه في الطواف، أو بالعكس، وحفظ كلّ منهما ما لم يحفظ الآخر.

الثاني: قال في المفهم: في التوفيق بين الروايتين تكلّف شديد لا سيما أن في حديث عبد الله بن الصامت أن أبا ذر أقام ثلاثين لا زاد له. وفي حديث ابن عباس أنه كان معه زاد وقربة ماء إلى غير ذلك.

قال الحافظ: ويحتمل الجمع بأن المراد بالزاد في حديث ابن عباس ما تزوّده لمّا خرج من أرض قومه. ففرغ لما أقام بمكة. والقربة التي كانت معه كان فيها الماء حال السفر، فلما أقام بمكة لم يحتج إلى ملئها ولم يطرحها. ويؤيده أنه وقع في رواية أبي قتيبة عند البخاري:

فجعلت لا أعرفه- يعني النبي صلى الله عليه وسلم- وأكره أن أسأل عنه، وأشرب من ماء زمزم وأكون في المسجد.

الثالث: في بيان غريب ما سبق