للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الباب التاسع في إرسال قريش عتبة بن أبي ربيعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض عليه أشياء ليكف عنهم]

روى ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبو يعلى والحاكم وصححه عن جابر بن عبد الله والبيهقي وابن عساكر عن ابن عمر رضي اللَّه تعالى عنهم قالا: اجتمع نفر من قريش يوما فقالوا: انظروا أعلمكم بالسّحر والكهانة والشّعر فليأت هذا الرجل الذي فرّق جماعتنا وشتّت أمرنا وعاب ديننا، فليكلّمه ولينظر ماذا يردّ عليه.

فقالوا: ما نعلم أحدا غير عتبة بن ربيعة.

وعند ابن إسحاق وابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي: أن عتبة بن ربيعة قال يوما، وكان جالسا في نادي قريش، والنبي صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد وحده: يا معشر قريش ألا أقوم إلى محمد فأكلمه وأعرض عليه أمورا لعله يقبل بعضها فنعطيه أيّها شاء ويكفّ عنا. وذلك حين أسلم حمزة ورأوا أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلّم يزيدون ويكثرون. فقالوا: بلى يا أبا الوليد فقم إليه فكلّمه.

وروى أبو يعلى [ (١) ] بسند جيد عن جابر بن عبد الله رضي اللَّه تعالى عنهما قال: اجتمعت قريش للنبي صلى الله عليه وسلم يوما فقالوا: انظروا أعلمكم بالسحر والكهانة والشّعر فليأت هذا الرجل الذي فرّق جماعتنا وشتّت أمرنا وعاب ديننا فيكلّمه ولينظر ما يرد عليه فقالوا: ما نعلم أحدا غير عتبة بن ربيعة فقالوا: أنت أبا الوليد. انتهى.

فقام عتبة حتى جلس إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال يا ابن أخي إنك منا حيث قد علمت من السّطة في العشيرة والمكان في النّسب وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم فرّقت به جماعتهم وسفّهت أحلامهم وعبت آلهتهم ودينهم وكفّرت من مضى من آبائهم، يا محمد أنت خير أم عبد الله؟ فسكت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: أنت خير أم عبد المطلب؟ فسكت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

قال: فإن كنت تزعم أن هؤلاء خير منك فقد عبدوا الآلهة، وإن كنت تزعم أنك خير منهم فتكلّم نسمع قولك، إنا واللَّه ما رأينا سخلة قط أشأم على قومك منك، فرّقت جماعتنا وأشتّت أمرنا وعبت ديننا وفضحتنا في العرب، حتى طار فيهم أن في قريش ساحرا وأن في قريش كاهنا واللَّه ما ننتظر إلا مثل صيحة الحبلى أن يقوم بعضنا بعضا إليك بالسيوف حتى نتفانى، أيها الرجل فاسمع مني أعرض عليك أمورا تنظر فيها لعلك تقبل منا بعضها.


[ (١) ] أخرجه أبو يعلى في المسند ٣/ ٣٤٩ (١٨١٨) وأبو نعيم في الدلائل (١٨٢) وذكره الهيثمي في المجمع ٦/ ٢٠ وعزاه لأبي يعلى وقال: فيه الأجلح الكندي وثقة ابن معين وغيره، وضعفه النسائي وغيره، وباقي رجاله ثقات.