للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مثلما استوجب قاضي ال ... عدل من ذا الخلق شكرا

ملك غرا أيادي ... هـ على الأسماع تترى

ملك ما زال يولي ... ني تقريبا وبرا

قارض الله أيادي ... هـ مطيلا منه عمرا

ولأبي جعفر بن الأبار أبيات جليلة المقدار أشار فيها إلى تفضيله وهي: [مجزوء الكامل]

أصباه حب سميه ... فغدا الضنا من زيه

وهوى الهوى بفؤاده ... فاصفر غض جنيه

مثن على الملوين لا ... كشقيقه وسميه

حسب الزمان تفاؤلا ... بالخير من خيريه

فاحثث كؤوس مدامة ... تلق الغليل بريه

صفراء قلدها المزا ... ج لشربها بحليه

قوله: "على الملوين" يعني الليل والنهار. "لا كشقيقه وسميه" يعني الخيري النمام. وفي هذا البيت فضل الأصفر. ولصاحب الشرطة أبي بكر بن القوطية في تفضيله أبيات [بديهية سرية] وهي: [البسيط]

وأصفر نرجسي اللون نمام ... مبرإ من صنوف النقص والذام

زها اعتلاء على النمام يجمعه ... به اسمه فعل ذي لب وإلهام

فقال: لي الفضل إني في النهار وفي ... ليلي أنم وفي صبحي وإظلامي

وأنت يا مدعي اسمي طول يومك لا ... تدنى اطراحا إلى خيشوم شمام

وإن لونك من لون النحاس ولو ... ني في ملاحته ضرب من السامي

قال أبو الوليد: لما كثر الكلام في تفضيل الخيري الأصفر، صنعت قطعة ربما كان فيها بعض الرد على من فضله، وبخس النمام أكثر حقه، ولم يرع حسن خلقه وخلقه وهي: [الكامل]

يا من يذم خلائق النمام ... ويحطه عن خطة الإكرام

قدك اتئد عن لومه جهلا به ... فجماله زار على اللوام

هو أشهر الخيري حسنا فاحبه ... من بينه بتحية وسلام

متنزه عن أن يرى مستهترا ... إلا إذا اكتحل الورى بمنام

مستطرف في خلقه مستظرف ... في خلقه مستحسن الإلمام

لم يرض إلا المسك مسكا جسمه ... وبه يبوح إليك في الإظلام

والمنتمي أبدا إليه نضاره ... في الفضل أن يعزى إلى النمام

اصفر من حسد له وكآبة ... لما شآه بحسنة البسام

أيقاس منفرد بظرف معجز ... بمشارك أخلاق نور العام

لو كانت الشمس المنيرة سرمدا ... لم تلق بالإجلال والإعظام

قولي: "إلا المسك مسكا" المسك: الجلد، والغرض تشبيه لونه بلون المسك.

[الفصل الثالث]

[في القطع المنفردة كل قطعة منها بنور على حدة]

قال أبو الوليد: يجب أن نبدأ بأول الأنوار، وأبكر الأزهار، وهو من النواوير الربيعية، نور البهار. ولكن ما كان من النواوير باقيا في كل وقت، وثاويا مع كل فصل، هو أول على الحقيقة، وصدر في هذه الطريقة كالآس والياسمين، فأما الآس فقد فضل قديما على ضروب الأنوار وصنوف الأزهار، وصيغت في ذلك حسان الأشعار، إذ شجره يقوم مقام النوار، ثم يزيده نواره جمالا ثانيا، ويضيف إليه كمالا زائدا. وأما الياسمين فإن نورهلا ينقطع أبدا كله، ولا يذهب جميعه. فنبدأ بهما ثم نذكر النواوير على أزمنتها.

[الآس]

قال أبو الوليد: من حسن ما قيل ما أنشدنيه لنفسه الشيخ أبو عبد الله بن مسعود، وهو: [مجزوء الرجز]

الآس آس لأسى ... كل فؤاد مكتئب

في كل فصل زاهر ... وما سواه منقلب

إذا سرى منه الشذا ... في آخر الليل وهب

أهدى لأرواح به ... أرواح روح وطرب

كأنه في جنة ال ... خلد نما ثم اقتضب

لو نافر النور إلى ... عدل صحيح المعتقب

وصحفت نصبته ... جاء نبيا فغلب

قوله: "أرواح روح" الأرواح هنا جمع ريح، والروح: الراحة. والأرواح الأول: جمع روح. وقوله: "جاء نبيا" يعني أن هذا اللفظ تصحيف آس مقلوبا. ومما فيه من حسن التشبيه قول أبي عمر الرمادي في قطعة تضمنت وصف غيره وهو: [الطويل]

خلوف من الريحان راقت كأنها ... وإن حسنت في لحظنا لمم شعث

ومما يقرب من هذا_وإن كانت فيه زيادة_بيت أبي الحسن بن أبي غالب: [الطويل]

فما شئت من آس تفتح نوره ... كما أخلست هام لها شعر جثل

يقال: أخلس الرأس إذا بدا شيبه. ومن الفائت الفائق، والرائع الرائق في وصفه قطعة خاطبني بها الوزير أبو عامر ابن مسلمة وبعث معهما مطيبا وهي: [الكامل]

<<  <   >  >>