للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كأن لون الظيان حين بدا ... نواره أصفرا على ورقه

لون محب جفاه ذو ملل ... فاصفر من سقمه ومن ارقه

وأنشني فيه لنفسه الوزير الكاتب أبو الأصبغ بن عبد العزيز أبياتا معجبة [تضمنت أوصافا مغربة] وهي: [السريع]

فضائل الظيان معروفة ... تروق في المنظر والخبر

فاق النواوير معا أنه ... منزه يأوي إلى البر

وأنه يأنف أن يقتنى ... على سبيل الملك والقسر

فآثر الصحراء مستأنسا ... في ليله بالأنجم الزهر

متى تزره تلق من عرفه ... ما شئت من طيب ومن عطر

أبراده خضر ولكنها ... مخصوصة باللبن الصفر

وللفقيه أبي الحسن بن علي فيه وصف رائع [وتشبيه بارع] في قطعة موصولة بمدح ذي الوزارتين القاضي وهي: [الطويل]

إذا نور الظيان في خضر قضبه ... وراح بثوب من دجا الري قد حذي

أفادك من صفر اليواقيت أنجما ... له طالعات في سماء زمرذ

كأن سناه في الرياض وحسنه ... بحسن ابن عباد ورياه محتذي

قال أبو الوليد: [وحين] أوردت إلي في الآس والياسمين من بديع الشعر الموزون نذكر الأنوار على أزمنتها ونبدأ بالأول منها وهو نور البهار.

[[البهار]]

وقال أبو الوليد: ويسمى البهار النرجس، وأكثر أشعار المشرقيين اسمه فيها النرجس، وأما الأندلسيون فاستعملوا الاسمين، وذكروا اللغتين. فمن أبدع تشبيه وقع إلي فيه قول أحمد بن هشام بن عبد العزيز بن سعيد الخير ابن الإمام الحكم، وقد بعث به إلى الإمام عبد الرحمن الناصر لدين الله وهو: [الخفيف]

يا مليكا من الملوك مصفى ... والذي جل أن يحدد وصفا

عبدك الشاكر المؤمل أهدى ... نرجسا كالعبير نشرا وعرفا

كلما فاح نشره قلت: غلف ... في دجا الليل عاطر زار إلفا

وغذا ما لحظته قلت: ألحا ... ظ خليع قد مال سكرا فأغفى

منه مثل الإبريز في صفرة اللو ... ن ومنه مثل الجمان المصفى

فكأني بما أقلب منه ... صيرفي أضحى يحاول صرفا

وقول إسماعيل بن بدر وهو حلال من السحر: [البسيط]

أهدي إليك من النوار أحسنه ... قد ضل في وصفه من قبلي الناس

كأنها نقر من فضة وضعت ... فيها من الذهب الإبريز أكواس

على الزمرد قامت عند منبتها ... في كل نوارة مفتوحة كاس

وقال الحاجب [أبو الحسن جعفر بن عثمان] المصحفي يصفه بألفاظ رطبة، [ومعان عذبة] ، وأشار في أول بيت إلى ممدوح لو يسمه، وهي: [الطويل]

بنفسي وأهلي طالع خلت أنه ... بأخلاق معشوق العلا يتخلق

حكى الفضة البيضاء والتبر منظرا ... ولكنه بالنفس ألطى وأعلق

فصيح إذا استنطقته عن زمانه ... وما خلت أن النور من قبل ينطق

يبثك أنفاس الحبيب وإنها ... لأذكى من المسك الذكي وأعبق

أتانا على عهد الشتاء مبشرا ... بعهد يروق الناظرين ويونق

وقال أبو عمر أحمد بن فرج_وقيل: أخوه عبد الله_يصفه: [السريع]

ونرجس تطرف أجفانه ... كمقلة قد دب فيها الوسن

كأنه من صفرة عاشق ... يلبس للبين ثياب الحزن

قال أبو الوليد: جرى في "ثياب الحزن" على مذهب أهل الأندلس، إذ ثياب حزنهم بيض. وهو تشبيه بديع، [وتمثيل رفيع، ومعنى مطبوع] . ومن التشبيهات العقم التي تدل على يقظة الفهم، قول ابن القريشية عبد العزيز ابن المنذر بن عبد الرحمن الناصر لدين الله_رضي الله عنهم_وهو: [الطويل]

كأن الثرى ستر تمد خلاله ... بأكواس راح راحهن الكواعب

يسترن من فرط الحياء معاصما ... بأكمامهن الخضر عمن يراقب

جعل قضبه الخضر معاصم مستورة بأكمام خضر، وجعل أكفها مبيضة وكؤوسها مصفرة. وأنشدني الفقيه أبو الحسن بن علي الأشجعي [النحوي] يصف بهارا أخرجه إليه أحد "بني بخت" وسأله وصفه، فقال [على البديهة] : [البسيط]

ما للبهار نظير في النواوير ... غذ صار أول مخصوص بتكبير

أما ترى الصب والمعشوق قد جمعا ... في لونه بين تبييض وتصفير

كأنما رق للعشاق منظره ... فعجل النور من بين النواوير

أحبب به فلقد أنبأ بطلعته ... عن السرور وإتمام التباشير

<<  <   >  >>