للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* الآية الأولى {مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ} .

ج القصد من هذه الآية الرد على من قال {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} . (سورة المائدة، الآية ٧٢) . ومن قالوا {إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} . (سورة المائدة، الآية ٧٣) . ببيان أن عيسى المسيح عليه السلام ليس ربًّا ولا إلها يعبد، بل رسول كرمه الله بالرسالة، شأنه شأن الرسل الذين مضَوْا من قبله، أجله محدود، لكن لم تبين هذه الآية متى يموت، وقد بينت الأدلة الماضية من الكتاب من الكتاب والسنة، أنه رفع حيًّا وأنه سينزل حكمًا وعدلاً، ثم يموت بعد نزوله آخر الزمان وحُكمه بين الناس، ثم ذكر تعالى أن عيسى وأمه عليهما السلام كان يأكلان الطعام، فدل بذلك على أنهما ليسا إلهين مع الله لشدة حاجتهما إلى مايحفظ عليهما حياتهما من الطعام، والله تعالى فرْدٌ صمدٌ له الغنى المطلق، يحتاج إليه كل ما عداه ولا يحتاج هو إلى أحد سواه. يؤيد أن المراد بالآية ما ذُكر سابقها ولاحقها من الآيات، فقد سبقها آية {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} . وآية {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} . وقد ذكر بعدها النهي عن الغلو في الدين وإنكار عبادة غير الله، ولعن من فعل ذلك أو سكت عنه ولم ينكره، ويوضح ذلك أيضًا قوله تعالى في سورة الأنعام {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ} . (سورة الأنعام، الآية ١٤) .

* الأية الثانية {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ} . (سورة الفرقان، الآية ٢٠) .

ج القصد من هذه الآية الرد على من كفر برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، لزعمه أن الرسول إنما يكون من الملائكة لا من البشر، فردَّ الله عليهم زعمهم ببيان أن سُنة الله سبحانه في إرسال الرسل إلى البشر أن يصطفيهم من البشر، وأنهم يأكلون الطعام، ويمشون في الأسواق، شأنهم في ذلك شأن البشر، وليس في الآية تحديد لأجل عيسى عليه السلام، وقد بينت الآيات الأخرى والأحاديث رفّعه حيًّا ثم نزوله وحُكمه بعد نزوله آخر الزمان ثم موته كما تقدم.

* الآية الثالثة {وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ} . (سورة الأنبياء، الآية ٨) .

ج ليس في هذه الآية أي دلالة على موت عيسى عليه السلام جينما تآمر اليهود على قتله وصلبه، وإنما فيها الدلالة على أن الأنبياء والمرسلين ومنهم عيسى، ليسوا أجسادًا لا تأكل، بل يأكلون كما يأكل الناس، وفيها الحكم بأنهم لا يخلدون في الدنيا، وأهل السنة يؤمنون بذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>