للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسلامي مرتدون، وخاصة من يعتقدون بأفكار الشيوعية؟

ج الظاهر لي أن هذا السؤال كمن يسأل هل الشمس شمس؟ وهل الليل ليل؟ وهل النهار نهار؟ فمن الذي يشكل عليه أن منكر الخالق لا يكون كافراً، مع أن هذا، أعني إنكار الخالق ما وُجد فيما سلف من الإلحاد، وإنما وجد أخيراً، وكيف يمكن إنكار الخالق والأدلة على وجوده - جل وعلا - أجلى من الشمس. وكيف يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل؟ وأدلة وجود الخالق والحمد لله موجودة في الفِطَر والعقول، والشاهد والمحسوس، ولا ينكره إلا مكابر بل حتى الذين أنكروه قلوبهم مطمئنة بوجوده، كما قال الله - تعالى - عن فرعون الذي أنكرالخالق وادّضعى الربوبية لنفسه قال {وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً} . وقال - جل ذكره- عن موسى وهو يناظر فرعون {لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السموات والأرض بصائر} . ثم إن هؤلاء الذين ينكرون الخالق هم في الحقيقة منكرون لأنفسهم، لأنهم هم الآن يعتقدون أنهم ما أوجدوا أنفسهم ويعلمون ذلك، ويعتقدون أنه ما أوجدتهم أمهاتهم، ولا أوجدهم آباؤهم، ولا أوجدهم أحد رابع إلا رب العالمين - سبحانه وتعالى - كما قال تعالى {أم خُلقوا من غير شيء أم هم الخالقون} وتعجب جبير بن مطعم على أنه لم يؤمن بعد أن سمع هذه الآية يقرؤها النبي، عليه الصلاة والسلام، قال "كدت أطير" من كونها دليلاً قاطعاً ظاهراً على وجود الخالق - سبحانه وتعالى -، وهؤلاء المنكرون للخالق إذا قيل لهم مَن خلق السماوات والأرض؟ ما استطاعوا سبيلاً إلا أن يقولوا الذي خلقها الله، لأنها قطعاً لم تَخلق نفسها، وكل موجود لا بد له من موجِد واجب الوجود وهو الله. لو أن أحداً من الناس قال إن هذا القصر المشيد المزين بأنواع الثريات الكهربائية وغيرها إنه بنى نفسه، لقال الناس إن هذا أمر جنوني. ولا يمكن أن يكون، فكيف بهذه السموات والأرض، والأفلاك والنجوم السائرة على هذا النظام البديع الذي لا يختلف منذ أن خلقه الله عز وجل إلى أن يأذن الله بفناء هذا العالم، وأعتقد أن الأمر أوضح من أن يقام عليه الدليل. وبناء على ذلك فإنه لا شك أن من أنكر الخالق فإنه مختل العقل كما أنه لا دين عنده وأنه كافر لا يرتاب أحد في كفره. وهذا الحكم ينطبق على المقلدين لهذا المذهب الذين عاشوا في الإسلام، لأن الإسلام ينكر هذا إنكاراً عظيماً، ولا يخفى على أحد من المسلمين بطلان هذا الفكر وهذا المذهب، وليسوا معذورين لأن لديهم مَن يعلمهم، بل هم لو رجعوا إلى فطرهم ما وجدوا لهذا أصلاً.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>